صلاح العمل
العمل الصالح: وهذه الوسيلة هي من لوازم الإيمان بالله، فإن حقيقة الإيمان تتجلى في العمل بما أمر الله سبحانه وتعالى من الفرائض والواجبات على الوجه الذي بينه في كتابه وعلى لسان نبيه e.
فإن القيام بالفرائض والواجبات، يقوي القلب ويكبح جموح النفس للشهوات والمحرمات، ويفوت على الشيطان الإغواء والإضلال، ويبعد المؤمن عن الاغترار بالدنيا ويجنبه الهوى والهلاك، فتتحقق بذلك سعادته وطمأنينته في الحياة، ولذلك قال الله جل وعلا }وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ{ وقال تعالى:}إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ{.
فالمؤمن يستعين على اجتناب مكدرات طيب الحياة بالعمل الصالح، فإذا حقق الاستعانة على أحسن وجه، أعانه الله جل وعلا وأبعد عنه المنكر والفواحش فكان بذلك في مأمن من عواقبها التي تأتي بالعذاب النفسي والبدني، ولأن ثمرة العمل الصالح هي الأخلاق الحميدة التي هي أساس صلاح الدنيا والآخرة وهي أصل القوة العقلية والحكمة في التعامل مع المشاكل الشخصية ومشاكل الغير، فيتولد عن ذلك السرور والابتهاج والقدرة على دفع أسباب الهموم والقلق والحزن، ولذلك فقد شهد الله جل وعلا للمصلين بالفلاح المطلق في الدنيا والآخرة فقال تعالى: }قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{ والفلاح هو عنوان السعادة والراحة والاطمئنان.
ولذلك قيل إن علامات السعادة إحدى عشرة خصلة:
أولها: أن يكون زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة.
والثانية: أن تكون همته في العبادة وتلاوة القرآن.
والثالثة: قلة القول فيما لا يحتاج إليه.
والرابعة: أن يكون محافظًا على الصلوات الخمس.
والخامسة: أن يكون ورعًا فيما قل أو كثر من الحرام والشبهات.
والسادسة: أن تكون صحبته مع الصالحين.
والسابعة: أن يكون متواضعًا غير متكبر.
والثامنة: أن يكون سخيًا كريمًا.
والتاسعة: أن يكون رحيمًا بخلق الله تعالى.
والعاشرة: أن يكون نافعًا للخلق.
والحادية عشرة: أن يكون ذاكرًا للموت ([1]) .
واعلم أخي الكريم أن العمل الصالح لا يتحقق إلا بشرطين اثنين هما:
1- الإخلاص لله جل وعلا: وهذا يقتضي أن يقصد بالعمل وجه الله تعالى، من غير التفات إلى غيره من الخلق، ويدل عليه قوله جل وعلا: }فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا{.
2- الاتباع: ومقتضاه أن يكون العمل موافقًا لما كان عليه رسول الله e، للحديث الصحيح «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
ثم إن تحقيق العمل الصالح على الوجه المذكور يحتاج إلى مجاهدة ومصابرة للنفس الأمارة بالسوء، فإنها ملازمة الميل إلى الشهوات التي
([1]) تنبيه الغافلين (192).
هي سبيل الهم والشقاء، ولا يمكن للمؤمن أن يظفر بالراحة والسعادة ما لم يجاهد نفسه ويسعى في كبح جموحها.
والنفس راغبة إذا رغبتها
وإذا ترد إلى قليل تقنع
قال ابن القيم ا لجوزي رحمه الله تعالى، عن النفس: فإن فقرها إلى الشهوات هو الموجب لها التقاعد عن المرغوب المطلوب، وأيضًا فتقاعدها عن المطلوب بينهما موجب لفقرها إلى الشهوات، فكل منهما موجب للآخر وترك الأوامر أقوى لها من افتقارها إلى الشهوات، فإنه بحسب قيام العبد بالأمر تدفع عنه جيوش الشهوة، كما قال تعالى: }إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ{ وقال تعالى: }إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا{ وإذا صارت النفس حرة طيبة مطمئنة غنية بما أغناها به مالكها وفاطرها من النور الذي وقع في القلب ففاض منه إليها، استقامت بذلك الغنى على الأمر الموهوب وسلمت به عن الأمر المسخوط وبرئت من المراءة ومدار ذلك كله على الاستقامة باطنًا وظاهرًا، ولهذا كان الدين كله في قوله تعالى: }فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ{ وقال سبحانه: }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ{ ([1]) .
وقال بعض السلف: ما زلت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي حتى انساقت إليه وهي تضحك.
فالاستقامة على دين الله بالأعمال الصالحة، يدفع الوساوس
([1]) طريق الهجرتين وباب السعادتين (72، 73).
والهواجس ويوجب تأييد الله ومعيته و حفظه في السراء والضراء، ويكسب العبد قدرة وحكمة لمواجهة مصاعب الحياة وحوادثها. ويكون سببًا للثبات عند نزول المخاوف والأهوال.
وأما المفرط في دين الله فلا تجده إلا خائفًا بائسًا.
بذا قضى الله بين الخلق مذ خلقوا
أن المخاوف والإجرام في قرن
من كتاب
دليلك إلى السعادة المؤلف أبو الحسن بن محمد الفقيه
العمل الصالح: وهذه الوسيلة هي من لوازم الإيمان بالله، فإن حقيقة الإيمان تتجلى في العمل بما أمر الله سبحانه وتعالى من الفرائض والواجبات على الوجه الذي بينه في كتابه وعلى لسان نبيه e.
فإن القيام بالفرائض والواجبات، يقوي القلب ويكبح جموح النفس للشهوات والمحرمات، ويفوت على الشيطان الإغواء والإضلال، ويبعد المؤمن عن الاغترار بالدنيا ويجنبه الهوى والهلاك، فتتحقق بذلك سعادته وطمأنينته في الحياة، ولذلك قال الله جل وعلا }وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ{ وقال تعالى:}إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ{.
فالمؤمن يستعين على اجتناب مكدرات طيب الحياة بالعمل الصالح، فإذا حقق الاستعانة على أحسن وجه، أعانه الله جل وعلا وأبعد عنه المنكر والفواحش فكان بذلك في مأمن من عواقبها التي تأتي بالعذاب النفسي والبدني، ولأن ثمرة العمل الصالح هي الأخلاق الحميدة التي هي أساس صلاح الدنيا والآخرة وهي أصل القوة العقلية والحكمة في التعامل مع المشاكل الشخصية ومشاكل الغير، فيتولد عن ذلك السرور والابتهاج والقدرة على دفع أسباب الهموم والقلق والحزن، ولذلك فقد شهد الله جل وعلا للمصلين بالفلاح المطلق في الدنيا والآخرة فقال تعالى: }قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{ والفلاح هو عنوان السعادة والراحة والاطمئنان.
ولذلك قيل إن علامات السعادة إحدى عشرة خصلة:
أولها: أن يكون زاهدًا في الدنيا، راغبًا في الآخرة.
والثانية: أن تكون همته في العبادة وتلاوة القرآن.
والثالثة: قلة القول فيما لا يحتاج إليه.
والرابعة: أن يكون محافظًا على الصلوات الخمس.
والخامسة: أن يكون ورعًا فيما قل أو كثر من الحرام والشبهات.
والسادسة: أن تكون صحبته مع الصالحين.
والسابعة: أن يكون متواضعًا غير متكبر.
والثامنة: أن يكون سخيًا كريمًا.
والتاسعة: أن يكون رحيمًا بخلق الله تعالى.
والعاشرة: أن يكون نافعًا للخلق.
والحادية عشرة: أن يكون ذاكرًا للموت ([1]) .
واعلم أخي الكريم أن العمل الصالح لا يتحقق إلا بشرطين اثنين هما:
1- الإخلاص لله جل وعلا: وهذا يقتضي أن يقصد بالعمل وجه الله تعالى، من غير التفات إلى غيره من الخلق، ويدل عليه قوله جل وعلا: }فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا{.
2- الاتباع: ومقتضاه أن يكون العمل موافقًا لما كان عليه رسول الله e، للحديث الصحيح «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد».
ثم إن تحقيق العمل الصالح على الوجه المذكور يحتاج إلى مجاهدة ومصابرة للنفس الأمارة بالسوء، فإنها ملازمة الميل إلى الشهوات التي
([1]) تنبيه الغافلين (192).
هي سبيل الهم والشقاء، ولا يمكن للمؤمن أن يظفر بالراحة والسعادة ما لم يجاهد نفسه ويسعى في كبح جموحها.
والنفس راغبة إذا رغبتها
وإذا ترد إلى قليل تقنع
قال ابن القيم ا لجوزي رحمه الله تعالى، عن النفس: فإن فقرها إلى الشهوات هو الموجب لها التقاعد عن المرغوب المطلوب، وأيضًا فتقاعدها عن المطلوب بينهما موجب لفقرها إلى الشهوات، فكل منهما موجب للآخر وترك الأوامر أقوى لها من افتقارها إلى الشهوات، فإنه بحسب قيام العبد بالأمر تدفع عنه جيوش الشهوة، كما قال تعالى: }إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ{ وقال تعالى: }إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا{ وإذا صارت النفس حرة طيبة مطمئنة غنية بما أغناها به مالكها وفاطرها من النور الذي وقع في القلب ففاض منه إليها، استقامت بذلك الغنى على الأمر الموهوب وسلمت به عن الأمر المسخوط وبرئت من المراءة ومدار ذلك كله على الاستقامة باطنًا وظاهرًا، ولهذا كان الدين كله في قوله تعالى: }فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ{ وقال سبحانه: }إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ{ ([1]) .
وقال بعض السلف: ما زلت أسوق نفسي إلى الله وهي تبكي حتى انساقت إليه وهي تضحك.
فالاستقامة على دين الله بالأعمال الصالحة، يدفع الوساوس
([1]) طريق الهجرتين وباب السعادتين (72، 73).
والهواجس ويوجب تأييد الله ومعيته و حفظه في السراء والضراء، ويكسب العبد قدرة وحكمة لمواجهة مصاعب الحياة وحوادثها. ويكون سببًا للثبات عند نزول المخاوف والأهوال.
وأما المفرط في دين الله فلا تجده إلا خائفًا بائسًا.
بذا قضى الله بين الخلق مذ خلقوا
أن المخاوف والإجرام في قرن
من كتاب
دليلك إلى السعادة المؤلف أبو الحسن بن محمد الفقيه