غزل
مراقبة عام شباب الرافدين
حالةٌ من الترقب والحذر تسود معظم بلدان العالم بعد رصد متحور جديد لفيروس كورونا المستجد «كوفيد-19»، والذي أعلنت عن ظهوره دولة جنوب أفريقيا، وأطلقت عليه منظمة الصحة العالمية اسم «أوميكرون»، ووصفته الصحة العالمية بأنه «مبعث للقلق».
ورغم أن المتحور الجديد في أيامه الأولى، لكن الخوف الشديد يكمن في مدى سرعة انتشاره مقارنة بالمتحور دلتا، كما أن هذا الفيروس أصبح الآن مختلفاً جذرياً عن الأصلي الذي ظهر في ووهان، الصين، كما أن مبعث القلق يكمن في أنه ربما تكون اللقاحات التي صُممت باستخدام السلالة الأصلية غير فعَّالة.
وأعلن عدد من الشركات المنتجة للقاحات «كورونا» أنه يمكنها تطوير لقاح جديد يتناسب مع المتحور الجديد في غضون 100 يوم، في الوقت الذي شهدت فيه جنوب أفريقيا زيادة في حالات الإصابة بالمتحور الجديد لتصل لنحو 77 حالة مؤكدة تماماً.
كما أعلنت دول أوروبية رصد حالات إصابة بالمتحور الجديد لفيروس كورونا، كما أعلنت «الصحة العالمية» أنها ستحتاج إلى أسابيع لمعرفة مستوى الخطر الذي يشكله المتحور الجديد.
وفي سياق متصل، أكد الدكتور إسلام عنان أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، أن المتحور القادم من أفريقيا تطور بسبب بطء عمليات التلقيح، رغم أن جنوب أفريقيا وصلت إلى 66% من تلقيح مواطنيها، وهي نسبة كبيرة جداً مقارنة بجيرانها بنسبة تلقيح ما بين 3 إلى 4% فقط، وهو الأمر الذي ساهم في التحور السريع للفيروس على أراضيها.
وشدد عنان على أنه من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان المتحور الجديد سيختفي كما حدث مع متحور «مو» أم لا، إذ يتطلب ذلك الانتظار لمدة لا تقل عن أسبوعين.
وأضاف أستاذ اقتصاديات الصحة أن حجم التحور في «أوميكرون» ضعف التحور في «دلتا»، وهو ما يعني أنه أكثر انتشاراً وأكثر هروباً من اللقاحات، بمعنى أن فاعلية اللقاحات لمنع الأعراض ستقل ولكن ليس بصورة كبيرة، لافتاً إلى أنه يمكننا الحكم على مدى شراسته وانتشاره بعد أسبوعين من الآن.
وفي التفاصيل حول المتحور الجديد الذي أثار رعب العالم، قال في حديثه مع «الرؤية» إن التخوف من المتحور الجديد يأتي من زيادة الطفرات الجينية له مقارنة بمتحورات أخرى كـ«ألفا وبيتا وجاما ودلتا ودلتا بلاس».
وتابع: «سرعة اكتشاف الحالات لها مردود إيجابي في التعامل مع هذا المتحور، وهو ما حدث بسبب قدرة دولة جنوب أفريقيا على تحليل التسلسل الجيني السريع، لكن التخوف أن يكون المتحور أكثر انتشاراً من دلتا».
وعن دلالات انتشاره أو أن يكون أسرع انتشاراً من دلتا، يقول عنان إنه بالقياس بالانتشار يمكننا القول إنه سيكون أكثر انتشاراً منه، لكن التخوف حالياً حول كونه أكثر شراسة أو هروباً من اللقاحات أم لا، وهو ما لم يتم التأكد منه على أرض الواقع، ولم تتم دراسته، إذ لا بُدَّ من الانتظار لمدة أسبوعين كاملين للحكم على مدى شراسته.
وشرح عنان «ننتظر حتى دراسة الحالات المصابة وهذا يستغرق أسبوعين، ثم 4 أسابيع أخرى لتحديد عدد الوفيات وإن كانت في المعدل الطبيعي أم لا، لكن بمعدل الإصابات الموجودة حالياً من الصعب الحكم على مدى شراسته، أما كونه أكثر هروباً من اللقاحات كما حدث في «دلتا»، فغالياً سيكون أكثر هروباً، فمن المعروف أن اللقاحات حققت نتائج أقل في الإصابات بنسبة قليلة أو متوسطة بمتحور دلتا، وحققت نتائج قليلة جداً مع الإصابات الحادة، ولكنها تظل فعَّالة».
ولفت: «أعتقد أننا سنكون بحاجة لتغيير اللقاحات والعمل على لقاح جديد في حال أثبتت اللقاحات الحالية عدم قدرتها على مقاومة «أوميكرون»، وهذا التغيير سيستغرق 100 يوم، وهي الفترة التي تستغرق تغيير اللقاحات لتوافق مع التسلسل الجيني للمتحور الجديد لتكون أكثر مقاومة للطفرات الجديدة».
وأشار عنان إلى أنه لا يمكن الجزم بعدد الإصابات خارج دولة جنوب أفريقيا أو تحديدها، إلا لو كانت هناك آلية رصد التسلسل الجيني، وهو أمر غير متاح في عدد كبير من الدول الأفريقية خصوصاً والأوروبية أيضاً.
ونوه عنان بأنه من السابق لأوانه الذعر بسبب المتحور الجديد وكل ما يمكننا قوله إن هناك متحوراً جديداً لا يمكننا الحكم على مدى شراسته، وفي كل الأحوال ستظل اللقاحات فعَّالة لمقاومته، لكن بنسبة أقل.
وختم عنان: «بطء عمليات التلقيح خصوصاً في بعض الدول الأفريقية وأمريكا الجنوبية، بسبب عدم العدالة في توزيع اللقاحات من جانب بعض الدول الكبرى، له بالغ الأثر في زيادة تحور الفيروس وانتشاره وهو ما يُعرف بالتحور الهروبي، حيث يعطي فرصة أكبر للفيروس من تطوير نفسه، ونتمنى أن يختفي المتحور الجديد كما حدث مع «مو» وهو ما سيتضح خلال الأسابيع القادمة».
.."
