الحملة على الوهابيين
الحملة على الوهابيين
فلما رسخت قدم محمد علي باشا في مصر أخذ في تسليم مصالح حكومته إلى من يَثِقُ بهم من ذوي قرباه؛ لأنه كان شديد المحبة لعائلته، ولا شك أن أزره اشتد بهم. ثم استفحل أمر الوهابيين في شبه جزيرة العرب، فأرسل السلطان محمود يعهد إلى محمد علي باشا أمر إخضاعهم وتخليص البلاد من أيديهم.
والوهابيون طائفة من المسلمين تذهب إلى إغفال الكتب الدينية الإسلامية إلا القرآن والحديث. زعيمها الأول محمد بن عبد الوهاب وُلِدَ في العيينة من إقليم العارض من نجد سنة ١١٠٦ﻫ/١٦٩٦، وكان أبوه شيخًا فقيهًا، فرُبِّيَ في حجره على المذهب الحنبلي ثم انتقل لإتمام دروسه في البصرة وهَمَّ بزيارة مكة والمدينة وعاد إلى بلده. ثم تزوج في الحريملة بالعارض، وأقام فيها واشتهر بين قومه بالتقوى وصدق التديُّن. وأنحى عليهم باللائمة لتقاعدهم عن الفروض الدينية، وإهمالهم قواعد الدين الأساسية، وبالغ في تعنيفهم حتى تآمر بعضهم على قتله، وتربصوا له في مكمن، فأدرك غرضهم ففر إلى بلده العيينة، وأخذ يجتذب الأحزاب إليه من أهله وأبناء قبيلته بالوعظ والمراسلة والإقناع، فالتف حوله جماعة من الأنصار في بلدته وما يحيط بها من البلاد.
وجاءته امرأة عاهرة تلتمس التوبة على يده فردَّها أولًا وثانيًا. فجاءته ثالثة فاستغرب أمرها وسأل القوم إذا كانت مجنونة فقالوا: إنها في كمال عقلها لكنها شردت عن طريق التقوى وتريد الرجوع إليها. فحكم عليها بالإعدام لأن ضميرها لم يوبخها يوم ارتكبت تلك الرذائل. وعلم بهذا الحكم الجائر أمير الحسا فبعث إلى شيخ العيينة أن يقتل محمد بن عبد الوهاب أو ينفيه. فأمر بإخراجه من بلده على أن يدس له من يقتله.
وبلغ نفيه مسامع بعض أتباعه في الدرعية من إقليم العارض المذكور، وأميرهم يدعى محمد بن سعود، فتقدموا إليه أن يأذن باستقدامه إليهم، فأذن لهم بذلك، فبعثوا إلى شيخ العيينة أن يوجهه إليهم. فبعثه في خفارة فارس أَسَرَّ إليه أن يقتله غيلة في أثناء الطريق. فهَمَّ الفارس أن ينفذ ذلك الأمر مرارًا وهو يؤجله، واتفق أنه هَمَّ بالعمل أخيرًا وهو على مقربة من الوفد الذي أرسله ابن سعود لاستقبال ذلك المنفي. ولم يكد الفارس يطعنه حتى جاء أولئك للدفاع عنه وقد كاد يُقتَل.
فدخل محمد بن عبد الوهاب الدرعية فأحسن ابن سعود وفادته إكرامًا لأتباعه، ووعد بحمايته ممَّنْ يناوئه، وأذن له في نشر تعاليمه. ففعل ونفوذه يزداد وأنصاره يتكاثرون وشهرته تتسع. فأخذ يكاتب مشايخ القبائل يدعوهم إلى نبذ الرذائل والرجوع إلى الكِتاب والسُّنَّة، وأنهم إذا لم يفعلوا حمل عليهم بأهل درعية جهادًا في سبيل الحق. فأذعن له كثيرون وقاومه آخرون، فمن وافقه انتقل إليه في درعية. فتزايد أنصاره فيها وفي غيرها من إقليم العارض، وأكثرهم في العيينة وحريملة ودرعية والعمارية والمنفوحة.
والوهابيون طائفة من المسلمين تذهب إلى إغفال الكتب الدينية الإسلامية إلا القرآن والحديث. زعيمها الأول محمد بن عبد الوهاب وُلِدَ في العيينة من إقليم العارض من نجد سنة ١١٠٦ﻫ/١٦٩٦، وكان أبوه شيخًا فقيهًا، فرُبِّيَ في حجره على المذهب الحنبلي ثم انتقل لإتمام دروسه في البصرة وهَمَّ بزيارة مكة والمدينة وعاد إلى بلده. ثم تزوج في الحريملة بالعارض، وأقام فيها واشتهر بين قومه بالتقوى وصدق التديُّن. وأنحى عليهم باللائمة لتقاعدهم عن الفروض الدينية، وإهمالهم قواعد الدين الأساسية، وبالغ في تعنيفهم حتى تآمر بعضهم على قتله، وتربصوا له في مكمن، فأدرك غرضهم ففر إلى بلده العيينة، وأخذ يجتذب الأحزاب إليه من أهله وأبناء قبيلته بالوعظ والمراسلة والإقناع، فالتف حوله جماعة من الأنصار في بلدته وما يحيط بها من البلاد.
وجاءته امرأة عاهرة تلتمس التوبة على يده فردَّها أولًا وثانيًا. فجاءته ثالثة فاستغرب أمرها وسأل القوم إذا كانت مجنونة فقالوا: إنها في كمال عقلها لكنها شردت عن طريق التقوى وتريد الرجوع إليها. فحكم عليها بالإعدام لأن ضميرها لم يوبخها يوم ارتكبت تلك الرذائل. وعلم بهذا الحكم الجائر أمير الحسا فبعث إلى شيخ العيينة أن يقتل محمد بن عبد الوهاب أو ينفيه. فأمر بإخراجه من بلده على أن يدس له من يقتله.
وبلغ نفيه مسامع بعض أتباعه في الدرعية من إقليم العارض المذكور، وأميرهم يدعى محمد بن سعود، فتقدموا إليه أن يأذن باستقدامه إليهم، فأذن لهم بذلك، فبعثوا إلى شيخ العيينة أن يوجهه إليهم. فبعثه في خفارة فارس أَسَرَّ إليه أن يقتله غيلة في أثناء الطريق. فهَمَّ الفارس أن ينفذ ذلك الأمر مرارًا وهو يؤجله، واتفق أنه هَمَّ بالعمل أخيرًا وهو على مقربة من الوفد الذي أرسله ابن سعود لاستقبال ذلك المنفي. ولم يكد الفارس يطعنه حتى جاء أولئك للدفاع عنه وقد كاد يُقتَل.
فدخل محمد بن عبد الوهاب الدرعية فأحسن ابن سعود وفادته إكرامًا لأتباعه، ووعد بحمايته ممَّنْ يناوئه، وأذن له في نشر تعاليمه. ففعل ونفوذه يزداد وأنصاره يتكاثرون وشهرته تتسع. فأخذ يكاتب مشايخ القبائل يدعوهم إلى نبذ الرذائل والرجوع إلى الكِتاب والسُّنَّة، وأنهم إذا لم يفعلوا حمل عليهم بأهل درعية جهادًا في سبيل الحق. فأذعن له كثيرون وقاومه آخرون، فمن وافقه انتقل إليه في درعية. فتزايد أنصاره فيها وفي غيرها من إقليم العارض، وأكثرهم في العيينة وحريملة ودرعية والعمارية والمنفوحة.