فِي آدَاب الْمعبر
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قصت عَلَيْهِ رُؤْيا قَالَ: (خيرا تَلقاهُ، وشرا توقاه، وَخير لنا وَشر لأعدائنا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين إقصص رُؤْيَاك)
وَقَالَ المعبرون يَنْبَغِي للمعبر أَن يكون صَاحب ديانَة وحلم وصيانة وكتمان على النَّاس عَوْرَاتهمْ وَيسمع السُّؤَال أجمعه من السَّائِل ويميز بَين الشريف والوضيع ويتمهل وَلَا يعبر الرُّؤْيَا وَقت اضْطِرَاب، وَهِي ثَلَاث سَاعَات: عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا.
وَعند الزَّوَال فَإِذا زَالَت الشَّمْس كَانَ التَّعْبِير صَحِيحا ورؤيا الْمُلُوك لَيست كرؤيا الرّعية فَلَا تقص رُؤْيا حَتَّى تعلم لمن هِيَ وتفرق بَين كل جنس من النَّاس وَمَا يَلِيق بِهِ
مِثَال ذَلِك أَن من أصَاب درهما صَحِيحا وَله امْرَأَة حَامِل فَإِنَّهَا تضع غُلَاما وَإِن كَانَ الَّذِي وجد الدِّرْهَم لَهُ عَدو فَإِنَّهُ يسمع مِنْهُ كلَاما حسنا وَإِن كَانَ مُفلسًا نَالَ شَيْئا من الدُّنْيَا وَإِن كَانَ زاهدا فَإِنَّهُ يكثر التَّسْبِيح لِأَن الدِّرْهَم مَكْتُوب عَلَيْهِ اسْم الله
وَإِن كَانَ الَّذِي وجد الدِّرْهَم فَاسِقًا من الأوباش وَهُوَ يقْرَأ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يضْرب لِأَن الدِّرْهَم مَكْتُوب عَلَيْهِ ضرب هَذَا الدِّرْهَم من رأى حَيَّة فِي مَنَامه وَله عَدو فَإِنَّهَا عدوه
وَإِن كَانَ مِمَّن لَهُ زرع فَإِنَّهَا زرعه
وَإِن كَانَ لَهُ مَال فَإِنَّهَا مَاله
وَهِي للْمَرِيض حَيَاته وَإِذا رأى الْمحرم حَيَّة فَإِنَّهَا رزقه وحياته وَيذْهب عسره وَالْعَبْد إِذا رأى رُؤْيا فَإِنَّهَا أَكثر مَا تفسر لسَيِّده وَكَذَلِكَ الطِّفْل لوَالِديهِ والمراة إِذا لم تصلح لَهَا الرُّؤْيَا فَهِيَ لزَوجهَا لِأَنَّهَا خلقت من ضلعه الْقصير وَرَأى رُؤْيا وَلَيْسَ هُوَ من أَهلهَا فَإِنَّهَا تعود إِلَى أسلافه من آبَائِهِ أَو أحد من أَقَاربه والرؤيا تخرج من الْأَب للِابْن مِثَال ذَلِك: أَن أسيد بن الْعَاصِ رأى كَأَنَّهُ قد ولي على مَكَّة فقصت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " إِن صدقت الرُّؤْيَا ليلين عَلَيْهَا وَلَده عتاب ". وَكَانَ كَذَلِك لِأَن أَبَاهُ كَانَ قد توفّي والرؤيا تخرج فِي الْمُسَمّى والنظير والشقيق
فالقتل لِلْمُؤمنِ حلاوة الْقُرْآن وللفاجر حلاوة الدُّنْيَا وللمهجور حلاوة الْوَصْل وَأَشْبَاه ذَلِك كثير فقس عَلَيْهِ ترشد وَمن اختلق رُؤْيا وسألك عَنْهَا فَقَصَّهَا فَإِن كَانَت شرا فَإِنَّهُ لَاحق بِهِ
وَإِن كَانَ خيرا فَإِنَّهُ يصل إِلَيْك لِأَنَّهُ مخذول وَتَصْحِيح ذَلِك قصَّة يُوسُف والفتيان فِي السجْن عنادا إِذْ قَالَ أَحدهمَا: (إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا وَقَالَ الآخر إِنِّي اراني أحمل فَوق رَأْسِي خبرزا تَأْكُل الطير مِنْهُ) فَقَصَّهَا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَوَقَعت كَمَا قَالَ: فَكَانَت عنادا وَإِن عبر معبر على غير الْوَجْه عنادا وَكَانَ خيرا وصل إِلَى صَاحب الرُّؤْيَا وَإِن كَانَ شرا وصل إِلى الْمعبر وَيَنْبَغِي للمعبر أَن يسْأَل عَن حِرْفَة صَاحب الرُّؤْيَا واسْمه فَإِن لم يَصح لَك ذَلِك من هَذِه العلامات فاجتهد بِرَأْيِك واستر عورات الْمُسلمين فقد قَالَ رَسُول الله: " لَا تَطْلُبُوا عورات الْمُسلمين " وتعبر فِي سر كَمَا أوحى الله فِي سر وَقَالَ رَسُول الله " خُذ بالأسماء. . يَعْنِي من اسْم سَلامَة ويحمد ويحمدت
وَقَالَ دانيال إِذا أردْت أَن تَأْخُذ بِالِاسْمِ فَانْظُر يَوْم السبت أول شخص تَلقاهُ فسله عَن اسْمه وَاسم أَبِيه فَإِن كَانَ مُوَافقا لاسم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام مثل إِبْرَاهِيم ومُوسَى فَإِن الْأَمر الَّذِي أَنْت طَالبه مبارك مُخْتَار لِأَن الله عز وَجل اخْتَار الْأَنْبِيَاء وَاخْتَارَ أَسْمَاءَهُم
وَإِذا قصت عَلَيْك رُؤْيا فَانْظُر إِلَى شَيْء يَقع نظرك عَلَيْهِ فَإِن كَانَ بغلا فَإِنَّهُ سفر وَإِن كَانَ عجوزا فَهِيَ دنيا
وَإِن كَانَ نظرك وَقع على حمَار أَو فرس فَإِن ذَلِك دَال على زِينَة الدُّنْيَا وسفر أَيْضا لقَوْل الله عز وَجل: (الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها وزينة)
الْمقَالة الثَّالِثَة: فِي آدَاب النَّائِم قَالَ رَسُول الله: " إِذا تقَارب الزَّمَان لَا تكَاد رُؤْيا الْمُؤمن تكذب وأصدقكم رُؤْيا أصدقكم حَدِيثا " وَإِن كَانَ
صَاحب الرُّؤْيَا كذابا وَكره الْكَذِب من غَيره صحت رُؤْيَاهُ
وَإِن كَانَ كذابا وَلم يكره الْكَذِب من غَيره لم تصح رُؤْيَاهُ
وَيسْتَحب للْإنْسَان ان ينَام على طَهَارَة لتَكون الرُّؤْيَا صَالِحَة وَقد كَانَ رَسُول الله يسْأَل أَصْحَابه غفر الله لَهُم عنما رَأَوْا فيخبرونه بِمَا يرَوْنَ ثمَّ سَأَلَهُمْ مرَارًا فَلم يخبروه فَرَأى أظفارهم قد طَالَتْ وفيهَا رفغ فَقَالَ: - " كَيفَ ترَوْنَ والرفغ فِي أظفاركم "
قَالَ ابْن سِيرِين: من نَام على جنبه الْأَيْمن وَأَرَادَ أَن يرى رُؤْيا حَسَنَة فليستقبل الْقبْلَة وليقرأ وَالشَّمْس وَضُحَاهَا
وَاللَّيْل إِذا يغشى والتين وَالزَّيْتُون
وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ
وَسورَة الْإِخْلَاص والمعوذتين وَيسْأل الله تَعَالَى، فَمَا يرِيه إِلَّا مَا يحب، وَمن نَام على شقَّه الْأَيْمن وَرَأى رُؤْيا فَهِيَ بِشَارَة من الله عز وَجل أَو نذارة ".
وَمن نَام على شقَّه الْأَيْسَر وَرَأى رُؤْيا فَهِيَ من الرّوح وَرُبمَا كَانَت من البطنة وَذَلِكَ أضغاث
وَكَانُوا يستحبون ان يَقُولُوا عِنْد النّوم اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من سيئ الأحلام وأستجيرك من تلاعب الشَّيْطَان فِي الْيَقَظَة والمنام
من كتاب
تعبير الرؤيا (مخطوط)
كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا قصت عَلَيْهِ رُؤْيا قَالَ: (خيرا تَلقاهُ، وشرا توقاه، وَخير لنا وَشر لأعدائنا وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين إقصص رُؤْيَاك)
وَقَالَ المعبرون يَنْبَغِي للمعبر أَن يكون صَاحب ديانَة وحلم وصيانة وكتمان على النَّاس عَوْرَاتهمْ وَيسمع السُّؤَال أجمعه من السَّائِل ويميز بَين الشريف والوضيع ويتمهل وَلَا يعبر الرُّؤْيَا وَقت اضْطِرَاب، وَهِي ثَلَاث سَاعَات: عِنْد طُلُوع الشَّمْس وَعند غُرُوبهَا.
وَعند الزَّوَال فَإِذا زَالَت الشَّمْس كَانَ التَّعْبِير صَحِيحا ورؤيا الْمُلُوك لَيست كرؤيا الرّعية فَلَا تقص رُؤْيا حَتَّى تعلم لمن هِيَ وتفرق بَين كل جنس من النَّاس وَمَا يَلِيق بِهِ
مِثَال ذَلِك أَن من أصَاب درهما صَحِيحا وَله امْرَأَة حَامِل فَإِنَّهَا تضع غُلَاما وَإِن كَانَ الَّذِي وجد الدِّرْهَم لَهُ عَدو فَإِنَّهُ يسمع مِنْهُ كلَاما حسنا وَإِن كَانَ مُفلسًا نَالَ شَيْئا من الدُّنْيَا وَإِن كَانَ زاهدا فَإِنَّهُ يكثر التَّسْبِيح لِأَن الدِّرْهَم مَكْتُوب عَلَيْهِ اسْم الله
وَإِن كَانَ الَّذِي وجد الدِّرْهَم فَاسِقًا من الأوباش وَهُوَ يقْرَأ مَا عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يضْرب لِأَن الدِّرْهَم مَكْتُوب عَلَيْهِ ضرب هَذَا الدِّرْهَم من رأى حَيَّة فِي مَنَامه وَله عَدو فَإِنَّهَا عدوه
وَإِن كَانَ مِمَّن لَهُ زرع فَإِنَّهَا زرعه
وَإِن كَانَ لَهُ مَال فَإِنَّهَا مَاله
وَهِي للْمَرِيض حَيَاته وَإِذا رأى الْمحرم حَيَّة فَإِنَّهَا رزقه وحياته وَيذْهب عسره وَالْعَبْد إِذا رأى رُؤْيا فَإِنَّهَا أَكثر مَا تفسر لسَيِّده وَكَذَلِكَ الطِّفْل لوَالِديهِ والمراة إِذا لم تصلح لَهَا الرُّؤْيَا فَهِيَ لزَوجهَا لِأَنَّهَا خلقت من ضلعه الْقصير وَرَأى رُؤْيا وَلَيْسَ هُوَ من أَهلهَا فَإِنَّهَا تعود إِلَى أسلافه من آبَائِهِ أَو أحد من أَقَاربه والرؤيا تخرج من الْأَب للِابْن مِثَال ذَلِك: أَن أسيد بن الْعَاصِ رأى كَأَنَّهُ قد ولي على مَكَّة فقصت على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: " إِن صدقت الرُّؤْيَا ليلين عَلَيْهَا وَلَده عتاب ". وَكَانَ كَذَلِك لِأَن أَبَاهُ كَانَ قد توفّي والرؤيا تخرج فِي الْمُسَمّى والنظير والشقيق
فالقتل لِلْمُؤمنِ حلاوة الْقُرْآن وللفاجر حلاوة الدُّنْيَا وللمهجور حلاوة الْوَصْل وَأَشْبَاه ذَلِك كثير فقس عَلَيْهِ ترشد وَمن اختلق رُؤْيا وسألك عَنْهَا فَقَصَّهَا فَإِن كَانَت شرا فَإِنَّهُ لَاحق بِهِ
وَإِن كَانَ خيرا فَإِنَّهُ يصل إِلَيْك لِأَنَّهُ مخذول وَتَصْحِيح ذَلِك قصَّة يُوسُف والفتيان فِي السجْن عنادا إِذْ قَالَ أَحدهمَا: (إِنِّي أَرَانِي أعصر خمرًا وَقَالَ الآخر إِنِّي اراني أحمل فَوق رَأْسِي خبرزا تَأْكُل الطير مِنْهُ) فَقَصَّهَا يُوسُف عَلَيْهِ السَّلَام فَوَقَعت كَمَا قَالَ: فَكَانَت عنادا وَإِن عبر معبر على غير الْوَجْه عنادا وَكَانَ خيرا وصل إِلَى صَاحب الرُّؤْيَا وَإِن كَانَ شرا وصل إِلى الْمعبر وَيَنْبَغِي للمعبر أَن يسْأَل عَن حِرْفَة صَاحب الرُّؤْيَا واسْمه فَإِن لم يَصح لَك ذَلِك من هَذِه العلامات فاجتهد بِرَأْيِك واستر عورات الْمُسلمين فقد قَالَ رَسُول الله: " لَا تَطْلُبُوا عورات الْمُسلمين " وتعبر فِي سر كَمَا أوحى الله فِي سر وَقَالَ رَسُول الله " خُذ بالأسماء. . يَعْنِي من اسْم سَلامَة ويحمد ويحمدت
وَقَالَ دانيال إِذا أردْت أَن تَأْخُذ بِالِاسْمِ فَانْظُر يَوْم السبت أول شخص تَلقاهُ فسله عَن اسْمه وَاسم أَبِيه فَإِن كَانَ مُوَافقا لاسم الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام مثل إِبْرَاهِيم ومُوسَى فَإِن الْأَمر الَّذِي أَنْت طَالبه مبارك مُخْتَار لِأَن الله عز وَجل اخْتَار الْأَنْبِيَاء وَاخْتَارَ أَسْمَاءَهُم
وَإِذا قصت عَلَيْك رُؤْيا فَانْظُر إِلَى شَيْء يَقع نظرك عَلَيْهِ فَإِن كَانَ بغلا فَإِنَّهُ سفر وَإِن كَانَ عجوزا فَهِيَ دنيا
وَإِن كَانَ نظرك وَقع على حمَار أَو فرس فَإِن ذَلِك دَال على زِينَة الدُّنْيَا وسفر أَيْضا لقَوْل الله عز وَجل: (الْخَيل وَالْبِغَال وَالْحمير لتركبوها وزينة)
الْمقَالة الثَّالِثَة: فِي آدَاب النَّائِم قَالَ رَسُول الله: " إِذا تقَارب الزَّمَان لَا تكَاد رُؤْيا الْمُؤمن تكذب وأصدقكم رُؤْيا أصدقكم حَدِيثا " وَإِن كَانَ
صَاحب الرُّؤْيَا كذابا وَكره الْكَذِب من غَيره صحت رُؤْيَاهُ
وَإِن كَانَ كذابا وَلم يكره الْكَذِب من غَيره لم تصح رُؤْيَاهُ
وَيسْتَحب للْإنْسَان ان ينَام على طَهَارَة لتَكون الرُّؤْيَا صَالِحَة وَقد كَانَ رَسُول الله يسْأَل أَصْحَابه غفر الله لَهُم عنما رَأَوْا فيخبرونه بِمَا يرَوْنَ ثمَّ سَأَلَهُمْ مرَارًا فَلم يخبروه فَرَأى أظفارهم قد طَالَتْ وفيهَا رفغ فَقَالَ: - " كَيفَ ترَوْنَ والرفغ فِي أظفاركم "
قَالَ ابْن سِيرِين: من نَام على جنبه الْأَيْمن وَأَرَادَ أَن يرى رُؤْيا حَسَنَة فليستقبل الْقبْلَة وليقرأ وَالشَّمْس وَضُحَاهَا
وَاللَّيْل إِذا يغشى والتين وَالزَّيْتُون
وَقل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ
وَسورَة الْإِخْلَاص والمعوذتين وَيسْأل الله تَعَالَى، فَمَا يرِيه إِلَّا مَا يحب، وَمن نَام على شقَّه الْأَيْمن وَرَأى رُؤْيا فَهِيَ بِشَارَة من الله عز وَجل أَو نذارة ".
وَمن نَام على شقَّه الْأَيْسَر وَرَأى رُؤْيا فَهِيَ من الرّوح وَرُبمَا كَانَت من البطنة وَذَلِكَ أضغاث
وَكَانُوا يستحبون ان يَقُولُوا عِنْد النّوم اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من سيئ الأحلام وأستجيرك من تلاعب الشَّيْطَان فِي الْيَقَظَة والمنام
من كتاب
تعبير الرؤيا (مخطوط)