ابن الحته
من اهلنا
القط الصغير يلعب مبتهجاً، والرجال الذين يحبون الأشجار الخضراء يحرثون ويبذرون حبات القمح ثم يتوسلون إلى الريح أن تأتي الغيوم.
وأقبلت الغيوم رمادية اللون، وهطل المطر، وركض الفرع عبر الحقول مطلقاً صيحات عالية مرحة.
فرح التراب العطشان، وشرب بنهم من ماء النهر.
فرحت حبات القمح لأنها ستصير سنابل خضراء.
فرح الرجال الذين حرثوا الأرض، فسيحصدون القمح في الصيف، وعندئذ يصبح باستطاعتهم شراء ما يحتاج إليه أولادهم من طعام وثياب وكتب.
فرحت الغيوم لأنها تخلصت من ماء يتعبها حمله، وصار بإمكانها التنقل برشاقة من مكان إلى مكان.
فرح العصفور إذ غسلت الأمطار ريشه، وحين ستسطع الشمس، سيحط على غصن شجرة، ويغرد فخوراً بريشه النظيف.
وهكذا عمّ الفرح، غير أن القط الصغير الذي لم يكن يملك مظلة، غضب لأن الأمطار بللته، وهرع إلى أمه ساخطاً مرتجف الذيل، وقال لها: "أنا لا أحب المطر".
فنظرت إليه الأم مؤنبة مستنكرة، وقالت: "يجب أن تحب ما ينفع الجميع".
صاح القط الصغير: "لن أحب المطر".
قالت الأم بهدوء: "يجب أن تكره ما يؤذي الجميع".
فقال القط الصغير بإصرار: "أتمنى ألا يهطل المطر أبداً"
وبعد أيام، تحقق ما تمنه القط الصغير، فقد رحلت الغيوم، وكّف المطر عن الهطول قبل أن تنال حبات القمح ما تحتاج إليه منا ماء، وحينئذ سارع التجار إلى زيادة ثمن القمح حتى يتكاثر ما يملكون من مال، وبات الخبز لا يستطيع شراءه إلا الأغنياء، ولم يعد بمقدور القطط الحصول على الخبز، فالقطط فقيرة لا تملك سيارات أو أبنية.
جاع القط الصغير، فقال لأمه باكياً: "أنا جائع".
فقالت له أمه بحزن: "ماذا أفعل؟ لا يوجد خبز في الأسواق".
فقال القط الصغير متسائلاً: "وأين الخبز؟".
فأجابت الأم مبتسمة: "الخبز يصنع من القمح، والقمح لا ينبت إلا إذا شرب الكثير من المطر.. المطر الذي لا تحبه".
فخجل القط الصغير، وعاهد أمه على أن يحب المطر.