لم تكن وسائل التواصل الاجتماعي يوما نعمة على افراد المجتمع بسبب ما يرافقها من سلبيات ناتجة من سوء استخدام الاشخاص لها وعدم توخي الحيطة والحذر الواجبين عند الاستخدام، وبسبب التطور الكبير في مجال استخدام هذه الوسائل الذي وصل الى حد الهوس بالبرامج الالكترونية فقد اصبحت الجرائم التي نص عليها قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ المعدل ترتكب علنا وعبر منصات التواصل الاجتماعي. واللافت في الامر ان هذه الجرائم من الجرائم الخطرة التي تمس امن وسلامة المجتمع بل بعضها من جرائم الحق العام التي تجعل المجتمع بأكمله ضحية لارتكابها، ونلاحظ كلما زاد هوس مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بها كلما زاد الجهل بالقانون فالعلاقة طردية بين انتعاش هذه الوسائل وبين هذا الجهل الذي لا يمكن التمسك به للتخلص من العقاب في اي حال من الأحوال، والغريب ان الجهل بالقانون يزداد رغم الانفتاح الواسع على مختلف المجتمعات وأنظمتها القانونية ومختلف المواقع الناشرة للتشريعات والتي أصبحت في متناول يد الجميع بمجرد البحث في محركات البحث الالكترونية، خاصة وان التشريع العراقي وبموجب قانون النشر في جريدة الوقائع العراقية رقم ٣٤ لسنة ٢٠٠٧ النافذ لا يعتد بالجهل بالقانون بعد نشره بهذه الجريدة، ولكن مع ذلك نجد ان بعض الجرائم ترتكب حتى من قبل أشخاص علمهم بالقانون مفترض بحكم مهنتهم وقد تناولت في مقالات سابقة عدد من هذه الجرائم منها نشر المحادثات والمراسلات الخاصة وجريمة نشر الصور لغرض الابتزاز الالكتروني وجريمة نشر الشائعات وغيرها. واليوم نشاهد ولأكثر من مرة جريمة أخرى أراها ترتكب علنا وحتى من قبل بعض من رجال القانون وأشخاص آخرين على درجة من الوعي الاجتماعي والقانوني وهي جريمة نشر صور المجنى عليهم في جرائم الاغتصاب وجريمه وجريمة نشر صور المتهمين الاحداث، هذه الجريمة التي نصت عليها المادة ٢٣٦ من قانون العقوبات العراقي النافذ، حيث ان الجميع يشاهد عبر مواقع التواصل الاجتماعي بين فترة واخرى نشر صور لاطفال تعرضوا الى جريمة الاغتصاب. هذا الفعل فضلا عن انه يعد جريمة لانه لا يجوز قانونا نشر صور المجنى عليهم في جرائم الشرف والعرض، كذلك ان النشر قبل صدور حكم قضائي بفعل الاغتصاب ايضا يعد جريمة لان هذه الجرائم لا يمكن اثباتها الا بحكم قضائي بات فيكون نشر صورة المتهم ايضا جريمة لانه لم تثبت ادانته بعد ولم يصدر حكم قضائي بحقه، وكذلك صور الاطفال الاحداث الذين يتم اتهامهم بجرائم سرقة او جرائم اجتماعية اخرى فيكون الناشر والمشارك في النشر مرتكبا لجريمة نص عليها القانون صراحة خاصة بعدما اصبحت وسائل التواصل الاجتماعي من اهم طرق العلانية في الوقت الحاضر، ونشير بهذا الصدد الى نص المادة ٢٣٦ / ٥ من قانون العقوبات العراقي "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين وبغرامة لا تزيد على مائتي دينار كل من نشر باحدى طرق العلانية صور واسماء المجنى عليهم في جرائم الاغتصاب وجرائم الاعتداء على العرض او نشر صور المتهمين الأحداث"، لذلك يكون من ينشر صورا لمجنى عليهم في جرائم الاغتصاب او جرائم الاعتداء على العرض او ينشر صورا لمتهم حدث يكون فعله موجبا للعقاب بموجب المادة العقابية أعلاه. ان الاستخدام السلبي لوسائل التواصل الاجتماعي واهتمام مستخدميه بالمحتوى غير الهادف ادى الى زيادة الجهل بالقانون، فهذه الوسائل لم تعد تحارب التقاليد والمبادئ وتسبب المشكلات الأسرية فحسب، بل أصبحت أيضا من وسائل محاربة الوعي القانوني وانتشار الجهل بالتشريعات، خاصة في ظل انتشار كبير للبرامج غير الهادفة سواء السمعية او المرئية وغياب واضح للبرامج التثقيفية التوعوية التي توعي المواطن بالأفعال التي تعد جرائم او على اقل تقدير البرامج التثقيفية التي توعي المواطن على الاستخدام الأمثل لوسائل التواصل الاجتماعي وكمية الخصوصية والحذر التي يجب ان ترافق استخدام المواطن لها بالشكل الذي لا يجعله تحت طائلة القانون.
اكتب إلى
اكتب إلى