
لوحة "منهك" للفنان الدنماركي هانس أندرسن برينديكيله عام 1889، تُجسّد بعمق معاناة الفلاحين الدنماركيين في القرن التاسع عشر.
تحت سماءٍ كئيبة، في أرضٍ جدباء لا ظلّ فيها ولا حياة، يتجلى مشهدٌ يختزل مأساة الإنسانية حين تنكسر تحت وطأة الشقاء. في وسط هذا الفراغ القاسي، حيث لا شجرة تُلقي بظلّها ولا نهر يروي العطش، يرقد رجلٌ عجوزٌ على التراب، جسده المتهالك مستلقٍ فوق الأرض التي أفنى عمره يحرثها، كأنها تبتلعه أخيرًا بلا رحمة.
لكن الألم الحقيقي ليس في الجسد الممدّد، بل في المرأة التي تجثو بجانبه، بثوبها البسيط المتّسخ، بشعرها المشدود إلى الخلف، بعينيها المشتعلتين بالذهول واليأس. تمسك به كما لو أنها تستطيع أن تعيد إليه الحياة، تُناديه، تصرخ، لكن صوتها يتلاشى في صمت الحقل القاسي. ليس هناك من يسمع، ليس هناك من يُجيب، حتى الأرض التي شربت عرقه طوال عمره، لم تأبه لحظة سقوطه الأخير.