
لوحة "الأيتام" (1891) للفنان الروسي نيكولاي كاساتكين.
في هذه اللوحة يجثو طفل أمام قبر طازج، يده الصغيرة تستقر على قبعة سوداء، باردة، خاوية مثل العالم الذي تركه الموت وراءه. لم يكن يبكي، لأن الدموع رفاهية لا يعرفها الجائعون، ولأن الحزن حينما يبلغ أقصاه، يتحول إلى صمت ثقيل. بالقرب منه يقف طفل أصغر، ينظر إلى الحفرة كما لو كانت بوابةً إلى مصير لا مفر منه. تردد، لم يجرؤ على الاقتراب، وكأن الموت قد يُطاله إن اقترب أكثر.
الأرض جرداء، متشققة، قاحلة، بلا زرع أو حياة، مما يوحي بفترة من الجفاف أو نقص الموارد، وهي بيئة نموذجية للمجاعات التي ضربت روسيا القيصرية في نهاية القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.
أين الكبار؟ أين الأمهات اللواتي يبكين أبناءهن؟ أين الآباء الذين يحفرون القبور بأيديهم المرتعشة؟ لا أحد هنا. لم يبقَ سوى الأطفال، وحدهم أمام الموت، كأن العالم قد تخلى عنهم.