غزل
مراقبة عام شباب الرافدين
- إنضم
- 2021-10-11
- المشاركات
- 45,959
- مستوى التفاعل
- 16,276
- النقاط
- 117
- الإقامة
- مختبئه خلف الغيمات
- جوهرة
- დ297,062
- الجنس
- أنثى
لأنني سمراء كانوا ينادونني :
(السّودة) !!!
هذه هي الكلمة التي كانوا يطلقونها عليّ في المدرسة الإبتدائية ..
كنت في الصف الأول لا أنتبه ثم أصبحت أتضايق ..
اسمي منار ، عمري الآن 25 ﻋﺎمًا ..
أبي كان دومًا مسافر ،
وأمي كانت من ترعاني أنا وإخواتي ..
المشكلة كانت تكمن في أنَّ (نسمة ونور) كانوا بيض البشرة مثل أمي ..
وأنا فقط سمراء مثل أبي !
أمي نفسها كنت أشعر أنها غير سعيدة بشكلي !
لطالما سمعت تعليقات جارحة : (أنتِ ليه مش حلوة زي أخواتك ؟)
كنت أبكي سرًا ...شعري منكوش ...أسأل نفسي :
(ليه أنا بالذات الوِحشة البشعة ؟!)
الغريب أنني كلما سألت نفسي كلما ازددت وحاشة و قبحًا !
ليس لي أصحاب من كثرة ما أنجرحت ..
أصبحت أحب مضايقة البنات وأخذ أشيائهنَّ .. وأقرصهنّ !!!
كل فترة إدارة مدرستي تستدعي أمي : (منار بنتك غير مؤدبة) !!
أمي لم تعرف إلا الضرب ..
مرة و هي تضربني قالت :
(هو أنتِ مفيش حاجة فيكِ عِدله خالص ؟ طالعه لَهُ ؟)
هي تقصد أني مثل أبي !!!
أرضاني أن أصبح المشاغبة اﻷولى في المدرسة ..
أحسست بأن لي بعض الأهمية والشهرة -وإن كانت بالخطأ- ..
لا أحد يحبني .. الأخصائية الجديدة أستاذة (منى) تحاول أن تتحدث معي ..
كل أخصائية تحاول علاجي يستفزني هذا أكثر و أكثر ..
أنا مش مريضة و لا مجنونة ،
لا أحب الكلام معهم ...
لماذا أنا موجودة ؟
أنا وِحشة مُش حِلوة وعمري ما هتجوز كما يقولون ..
أكره أخوتي لأنهم حلوين ....!
( منار ) هكذا ناداني كابتن جمعة مدرب السلة العجوز ....
أعرفه شكلًا .....( نعم يا كابتن " ببرود " )!!
رديت برخامة كالعادة ...- كان سني 10 سنوات -
قال لي : مالِك ؟ !! مالي ؟! عُـمر ما حد سالني مَالِي ؟
أنا مهملة دومًا ..رديت وقلت : ( مفيش )
قال : ( طيب ليه عامله كدا قلت برخامة : ( أنا شكلي كدا )
قال مبتسمًا بلا غضب : ( إنتِ زعلانة أوي ليه ؟؟؟ )
نظرت إليه ..أخيرًا حد عرف إني زعلانة ؟!
قلت له 🙁 و ليه ما أزعلش محدش بيحبني )
قال بطيبة و هو يقدّم لي بسكوتة :
( شعور صعب يا منار إنك تحسيه )
بكيت بحرقة ...قال بتعاطف :
( أد كده متضايقة يا بنتي وشايله جواكي ؟! )
أسرعت بالابتعاد .. وسقط مني البسكويت ...!!
في اليوم التالي للتمرين لم أذهب .. و أمي لم تهتم كالعادة ...
لكن بعد ذلك ذهبت ..سألت كابتن جمعة :
( ليه كل الناس بيكرهوا سَماري ؟
أنا إيه ذنبي ؟!!! ) لم أرَ كصفاء وجهه و هو يقول :
{ وَ جَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ }
قال لي : ( الناس امتحان لبعض )
كل واحد بيضايق التاني في حاجة ..
عندي إصابة في ذراعي من سنين ، بسببها تركت لعب السلة ، الناس برضه بيعلقوا عليها ) قلت :
( ليه أنا سودة و أخواتي بيض ؟) قال :
( ده اختلاف بين الناس ربنا قسمه ، بس إنتِ لو رضيتي هتكوني رائعة جدًا ) ..
أنا : ( أرضى ازاي و الناس بتتريق عليا و بتسخر مني )
قال : ( الناس بتتريق على حاجات كتير .
. بس ما دام أنا عارف إني مش غلطان ؛
أجمد وأقْوَى و لا يهمني حد )
قلت له : ( أنا بالعكس بقيت بكره كل حاجة يا كابتن )
قال : ( و ليه متحبيش الحاجات ؟ )
أنتِ كده كده عايشة ، عيشي صح .. حتى مع التريقة والسخرية و الإستهزاء .. التريقة غلطتهم هُمَّا مش غلطتك إنتِ ..
خليهم يقولوا يا ريتنا زي ( منار ) ..
بكيت بقلب مكلوم وابتعدت ... ( يا ريتنا زي منار )
ممكن حد يقول كده ؟!
أنا فاشلة دراسيًا .. مكروهة في البيت و المدرسة !!!
لكن و أنا ماشية شفت ( مقلب قمامة ) العمال بينظفوه
.. بعد كم يوم صار جنينة وحديقة مشهورة !!!!
قلت لنفسي ممكن أتغير ؟!! بس بشرتي مش هتتغير ،
علي العموم البشرة مش كل شيء ،
البشرة شيء من الأشياء بس ...
بدأت .....أذاكر .....أصلي ...أدعي ربنا بإلحاح ...وبطلت رخامة ، و التزمت الصمت أكثر من الكلام ، لكن البنات مبطلوش تريقة ( يا عيني على الاجتهاد !!! )
لم أهتم ؛ ففي ذهني كلمة عم جمعة : ( بكره يقولوا يا ريتنا زي منار ) .
ماما ملاحظة التغيير لكن ما بتعلقش ...
طلعت التالتة ...المدرسة كرّمتني ...
بعد شهر ماما قالت لنور : شايفة أختك منار،،،
ملتزمة إزاي في الصلاة و وشها منوَّر ؟!
ذهبت لعم جمعة ..كان شكلي فرحان وحكيت له
،،،، قال : كملي .. أصبحت دايمًا من الأوائل ،
ومن المصلين والحمد لله ..
مرَّة قبَّلت يد ماما ..وأتحجبت في الإعدادي ..
تعليقات الناس زي ما هي على سماري ، بس خلاص جِمدت وبقيت قوية .. عم جمعة يشاور لي مشجعًا ..
كررت تقبيل يد ماما ..أشعر أنها راضية رغم سوء علاقتي بها سابقًا ..
حاسة إني احلويت !!! بقيت أعطف على الأطفال ..
عم جمعة مريض جدًا ..ذهبت مع ماما لزيارتهم ..
دعا لي .. و دعيت له ..عم جمعة تحسن و خرج من المستشفى بس بطل يروح النادي ..
أنا و أمي حريصين على زيارة زوجته والسؤال عليه ..
بعد الثانوية كانت كلية الطب ...
أخبرت عم جمعة ..
قال لي : إنتِ أدها يا منار وبإذن الله نشوفك دكتورة كبيرة ..
ماما فخورة جدًا بيا .. في أولى طب مات عم جمعة ..
بكيت عليه زي الأطفال ، كأنِّي فقدت والدي ..
صليت عليه الجنازة ودعوت كثيرًا له من كل قلبي ..
اللهم اعف عنه و وسع عليه وثبته بالقول الثابت ..
دعيت له كثيرًا ..
أقسم بالله إني أدعو له يوميًا و أخرج كل يوم صدقة له ..
و أتعاهد زيارة زوجته ..
عم جمعة مخلّفش ؛ لكن وقف جنبي زي بنته عشان أعيش ..
هو مات و لكن ربنا جعله سبب بعد لطف ربنا عشان يحييني ..
كان ممكن أكون كتلة سودا !! بدون منفعة ولا حياة ...
اتخطبت عادي و اتجوزت ..
و سافرت بريطانيا مع زوجي و خدت الجنسية البريطانية وبقيت طبيبة في مستشفى في لندن ..
و مش ناسية أبدًا عم جمعة الله يرحمه لما ناداني و أنا عمري 10 سنين ..
بدعيله .. و بتصدق عنه .. وحكيت لمدحت عنه ..
أنا و مدحت بنسمي أي شخص إيجابي يبني ولا يهدم : ( عم جمعة ) ..
باقول لكل الزعلانين من سمارهم ... :
كل شيء من ربنا حلو.،،، أحمدوه وأشكروه ،،، وسدوا آذانكم عن كلام الناس اللي بتهدم وخليكم مع القلوب الطيبه اللي زي عم جمعة،،،
و البياض و السمار .. الحلاوة والوحاشة ...المهم القلب والطبع الحسن المهم أكون راضي بالقدر ...
وساعتها ربنا هيرضيني ..
الله يرحمك ( يا عم جمعة ) برحمته ، زي ما رحمتني و أنا طفلة ضايعة و قلب أسود ..
الله يرحمك و يرحم كل ( عم جمعة ) يبني و لا يهدم النفوس ..
نفسي كل إللي يقرأها يفكر إزاي يكون هو ( عم جمعة،،،،
صدق الله القائل : ( ومَن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا ) .