غزل
مراقبة عام شباب الرافدين
- إنضم
- 2021-10-11
- المشاركات
- 45,959
- مستوى التفاعل
- 16,276
- النقاط
- 117
- الإقامة
- مختبئه خلف الغيمات
- جوهرة
- დ297,062
- الجنس
- أنثى
يقول:
في السوق وقفتْ بجواري امرأة طريقة انتقائها لثمار التفاح مع ذوق ملابسها ونقاء بشرتها جميعها أمارات تشي بسيدة معتدة بذاتها، تنتمي لنوعية النساء اللاتي تتحكم بهن عقولهن فلا تفقدهن الانفعالات اتزانهن بسهوله..
تقف بجانبها ابنتها طفلة صغيرة لا تتعدى الخمس سنوات.. قالت المرأة: حُور امسكي في ملابسي كأنها تستشعر خطر قادم، وبينما المرأة لاهية في حساب البائع لم تلحظ ترك الطفلة لطرف معطفها، أخذ البائع يعد نقوده فقالت المرأة هيا بنا ياحور ثم فجأة تلفتت حولها فلم تجد حور..
(حُور أين أنتِ، هذا ليس وقت اللعب، اخرجي من عندك) قالتها وهي محنية تحت عربة التفاح تبحث عنها، لم تجدها، ارتفعت نبرة صوتها حور، دارت المرأة حول العربة، دخلت المحلات المجاورة وهي تنادي حور للتو كانت أمام عيني،
عادت للعربة انحنت ثم دارت حولها وهي تقول جملتها الواحدة لا تزيد عنها( حور للتو كانت أمام عيني) شحب وجه المرأة تماما كأن العروق فرضت حظر تجوال على الدم فتوقف عن العبور فيه، فرغت عينيها فأصبحت خاوية بلا نظرات، بحثت في كل مكان، فتشت وجوه أطفال السوق جميعا، أوقفت المارة، ذرعت السوق ذهابا وإيابا، من نفس البداية تذهب وإلى نفس النهاية تعود،
كررتها عدة مرات ولسانها لا يتوقف عن جملتها الواحدة(حور للتو كانت أمام عيني) خفتت نبرات صوتها وهي تقولها كأنها تجاهد الصوت كي يخرج من حنجرتها، كأنها تخشى إن توقفت عن الجملة أن تفرغ من الصوت كما فرغت سابقا من كل شيء عدا أن حور اختفت، فقدت حور، حور ماعادت موجودة رغم أنها للتو كانت أمام عينيها..
في أقل من عشر دقائق كان جميع من في السوق يبحثون عن حور، لا أعرف كيف حشدت هذه المرأة الفارغة كل هذا الكم من الناس للبحث معها وحين يسألها أحد ماذا كانت ترتدي حور؟ تنظر له بعين زائغة ثم تقول حور للتو كانت أمام عيني، ما عادت تتذكر، شعرتُ لوهلة أن الأمومة أفقدتها كل شيء، أصبحت جسد محموم يذرع السوق ذهابًا وإيابا وقد لوث رذاذ الطين ملابسها، وتخلخل الحجاب حول وجهها فانزاح مُظهرًا بضع خُصل نافرة وهي تتعثر في هرولتها في أكتاف المارة وعجلات العربات والأحجار لكنها ظلت فقط تهرول..
أتى أمام عيني مشهد السيدة هاجر وهي تهرول بين الصفا والمروة من نفس الجبل التي قدمت للتو منه تعود إليه، هي تعلم جيدا أنه بلا ماء فهي قادمة من هناك لكنها تعود مجددا، لم تعي سوى شيء واحد أن طفلها إسماعيل يريد الماء وأنه سوف يموت إن لم تجلب له الماء من هذا المكان القفر..
أخيرا صرخ أحد الباعة تعالي هل هذه ابنتك، ركضت المرأة إليه ولا أعرف كيف سمعته ثم نظرت للطفلة و سقطت مغشيا