هذا تاريخنا
وتاريخهم
أثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة ذمة مالية مستقلة، شأنها شأن الرجل، فقد أقر لها حق التملك والبيع والشراء وغيره. ومن أبرز الحقوق المالية للمرأة هو حقها في الصداق، وقد فرضه الله على الزوج تكريما للمرأة ولإظهار صدق رغبة الرجل فيها، ولتكون عزيزة كريمة، فتكون هي المطلوبة لا طالبة، وكما للمرأة عند الزواج حق الصداق فإنّ لها بعد انعقاده حق النفقة، وتشمل النفقة سائر ما تقوم به حياتها من طعام وشراب وملبس ومسكن، وفي الحديث عن أُمِّ سَلمةَ زَوْجِ النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: من أنفق على ابنتين، أو أختين، أو دواتي قرابة، يحتَسبُ النَّفقة عليهما، حتَّى يُغْنِيَهُمَا الله من فضله عز وجل، أَو يكفيهما، كَانتَا له ستْرًا من النَّار" ومن حقوق المرأة المالية كذلك حقها في الإرث، وقد أثبت الشرع قرآنا والسنة لها هذا الحق، قال الحق سبحانه: ﴿لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ ۚ نَصِيبًا مَفْرُوضًا﴾.
وللمرأة كذلك حقها في المعاملات المالية، فلها حق المِلك والتصرف، والهبة والتصدق بأموالها، ففي الحديث عن ابن عباس: "أنّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم أضحى، أو فطر، فصلى ركعتين، لم يصلى قبلها أو بعدها، ثم أتى النساء ومعه بلال، فأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تلقي خُرصها، وتلقي سخابها"، ولها أيضا حقُ البيع والشراء والتصدق، فقد أتت رائطة امرأة عبدا لله بن مسعود رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: "يا رسول الله إني امرأة ذات صنعة أبيع منها، وليس لي ولا لولدي ولا زوجي نفقة غيرها، وقد شغلوني عن الصدقة، فما أستطيع أن أتصدق بشيء، فهل لي من أجر فيما أنفقت؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنفقي عليهم فإن لك في ذلك أجر ما أنفقت عليهم".
إنه لا يخفى ما قاسته المرأة في الجاهلية من نفور وإقصاء، ورفضٍ بلغ إلى حدِّ أنّ الرجل يستشعر العار إن كان المولود بنتا، قال تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَىٰ مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ ۚ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ ۗ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾. أما في بعض دول الغرب فقد لاقت من المهانة والتنقيص والاحتقار لقيمتها ما لقيتْ، إذ يتم تشييئها بل وعرضها كسلعة في الطرقات، الأمر الذي لا يوجد في دين نبينا عليه الصلاة والسلام، فيشهد التاريخ أنّ المرأة لم تكن يوما في الإسلام عبارة عن لوحة إشهارية، بل هي مصانة الحقوق، وكرامتها فوق كل اعتبار.
ولعلكم لم تسمعوا عن القانون المدني الذي أعتمد عام 1804 والمعروف بإسم قانون نابليون الذي ينص على: "تعطى المرأة إلى الرجل بهدف إنجاب الأطفال، المرأة هي من ممتلكاتنا، ولسنا ملكا لها". ولم يكن للمرأة المتزوجة أي وجود كفرد في التشريع، فإنها حرمت من جميع الحقوق القانونية كما كان الحال بالنسبة للقاصرين والمجرمين والمعاقين عقلياً!
وربما أيضاً أنكم لم تسمعوا عن كتاب "مطرقة الساحرات" الذي ظهر سنة 1482 على يد كل من الراهبين هاينريش كريمر وجاكوب شبرينغر، فقد ظل هذا الكتاب مرجعاً رسمياً للكنيسة في التنكيل بالنساء على مدى قرنين من الزمن، تمت فيها إبادة عشرات الألوف من النساء البريئات حيث يتم شيطنتهن وإلصاق التهم الباطلة (السحر) بهن، فلقد كانت تتعرض المرأة لأشد أنواع التعذيب والتنكيل من القبض عليها حتى قتلها، حيث يتم تعريتها والبحث في جسدها عن علامات، مثل وحمة أو شامة، تكون لها دلالة معينة، تكشف ما يدعونه إتصالاً بين الشيطان وهذه المرأة، التي تأتي مصفدة في الأغلال بأسلوب الفلقة، حيث يحشر رأس المرأة ويديها في قطعة من الخشب تحيط بعنقها، ويجب أن يكون ظهرها موجها نحو القضاة وليس وجهها. وقبل الحكم على الضحية، يتم اختبار مدى براءتها من المنسوب إليها، حيث يتم إستعمال وسيلة الغرق، إذ يتم تصفيد يدي ورجلي الضحية ويتم توصيل أصفادها بأثقال وإلقاؤها في النهر، فإذا طفت كانت بالتأكيد "ساحرة" ويتم قتلها على الفور بالإحراق بالنار، أي يتم التخلص من الضحية حتى قبل صدور الحكم ضدها، وإذا لم تطفو فالمصير واحد هو الموت.
أما في العصر الحديث فليس هناك جريمة أكبر من ربط حرية المرأة الغربية الإباحية، ولك أن تتخيل حجم الكارثة وفضاعة الجريمة المرتكبة ضد المرأة الغربية المسكينة التي أقنعوها أن الحرية هي أن ترتمي بين أحضان الرجال وأن تصبح حقلاً للتجارب وهدفاً لكل باحث عن متعة مؤقتة مع قناعتها التامة أن حضارتها قدمت لها كامل حقوقها، لتفقد نفسها المسكينة بعد مرور السنوات دون أن تنعم بأمن وإستقرار الأسرة التي ضمنها الإسلام لكل إمرة مسلمة مع الحفاظ على جميع حقوقها الشرعية والقانونية والمدنية، فمستقبل الغالبة العظمى من نساء الغرب ضبابيي ظلامي فإما أن تكون أسيرة دور العجزة أو ضحية للأغتصاب والعنف أو المعاناة من أمراض جنسية مزمنة، وربما ما نشرته منظمة الصحة العالمية من إحصائيات بهذا الخصوص صدام جداً، وستصدم أكثر إذا عرفت أنه في أمريكا وحدها يقتل بالإجهاض أكثر من مليون طفل سنويا! حسب كلام المراكز الأمريكية الحكومية للسيطرة على الأمراض.