مقدمة تاريخية فيمن ولي الخلافة الإسلامية قبل ملوك الدولة العلية العثمانية
مقدمة تاريخية فيمن ولي الخلافة الإسلامية قبل ملوك الدولة العلية العثمانية
الخلفاء الراشدون
الخلفاء الراشدون
انتقلت الخلافة إلى بني عثمان سنة ٩٢٣ هجرية، حين فتح السلطان سليم الأوَّل العثماني مصر، كما تجده مفصلًا في هذا الكتاب. وأول من وليها بعد موت النبي ﷺ في ١٢ ربيع الأول سنة ١١ من هجرته عليه الصلاة والسلام أبو بكر الصديق — رضي الله عنه — بويع له بالخلافة بعد خُلف طفيف وقع بين الصحابة، وتُوفِّيَ في مساء ليلة الاثنين ٢٢ جمادى الآخرة سنة ١٣ بعد أن عهد بالخلافة بعده لعمر بن الخطاب — رضي الله عنه — وفي أيامه كان ظهور مسيلمة الكذاب الذي ادَّعى النبوة؛ فأرسل إليه من حاربه وقتله، وكذلك ادَّعت سجاح بنت الحارث النبوة، وبقيت على غيها وضلالها إلى خلافة معاوية بن أبي سفيان فأسلمت وحسن إسلامها، وفي خلافته فُتحت مدينة الحيرة بالأمان على الجزية.
وعمر بن الخطاب أول من سُمِّي بأمير المؤمنين، وكان أبو بكر يُخاطَب بخليفة رسول الله، وامتدَّت فتوحات الإسلام في أيامه امتدادًا عظيمًا حتى وصلت جيوشهم إلى بلاد المغرب وإلى حدود الهند شرقًا وإلى بلاد سيبيريا شمالًا، ففُتحتْ مصر وبلاد الشام والعراق وإيران وبخارى ومرو، وزالت مملكة الأعجام من الوجود السياسي بعد انهزام يزدجرد آخر ملوك بني ساسان. وفي خلافة سيدنا عمر — رضي الله عنه — دُونت الدواوين، وأنشئ البريد (البوسطة) لنقل المراسلات بكل سرعة، ووضع التاريخ الهجري. وفي ٢٤ ذي الحجة سنة ٢٣ طعنه أبو لؤلؤة بسكين وقت الصلاة، وتوفي — رحمه الله — في يوم السبت آخر ذي الحجة سنة ٢٣، فكانت مدة خلافته عشر سنين هجرية وستة أشهر وثمانية أيام، ودفن في الحجرة الشريفة النبوية.
وبويع بعده عثمان بن عفان — رضي الله عنه — وأشهر ما حدث في خلافته فتح إفريقيَّة (ويعنى بها تونس والجزائر ومراكش)، وغَزْو بلاد الأندلس وجزيرة قبرص، ونَسْخ القرآن الذي جُمع في خلافة أبي بكر، وكان مودوعًا عند السيدة حفصة زوجة النبي ﷺ، وإرسال نسخ منه إلى جميع البلاد وحرق ما سواه من النسخ، وبذلك حُفِظ القرآن من التغيير والتبديل إلى يومنا هذا، وسيبقى كذلك إلى آخر الدهر. ثم عَزَلَ عثمان أغلب الولاة وعيَّن بدلهم أقاربه؛ فولى الكوفة الوليد بن عقبة وكان أخاه من أمه، وعزل عمرو بن العاص عن مصر وولاها عبد الله بن أبي السرح العامري، وكان أخا عثمان من الرضاعة، وعزل أبا موسى الأشعري عن البصرة وولاها ابن خاله عبد الله بن عامر؛ فنقم عليه كثير من الناس وأتت المدينةَ وفود من مصر والكوفة والعراق، وبعد مسائل يطول شرحها في هذه المقدمة حصلت فتنة كانت نتيجتها قتل عثمان في داره ليلة ١٨ ذي الحجة سنة ٣٥، فكانت مدة خلافته اثنتيْ عشرة سنة إلا أيامًا قلائل، ودفن مع النبي ﷺ وعمر — رضي الله عنه — وبعد موته حصلت البيعة لسيدنا علي بن أبي طالب — كرم الله وجهه — وابتدأ الخُلف والانقسام في الإسلام.
وطلبت السيدة عائشة بنت أبي بكر زوجة النبي ﷺ الأخذ بثأر عثمان، وانضمَّ إليها طلحة والزبير بن العوام، وساروا ومن تبعهم إلى البصرة للاستيلاء عليها؛ فلحقهم عليٌّ، وحصلت بين الفريقين وقعة الجمل المشهورة في نصف جمادى الآخرة سنة ٣٦؛ فانتصر عليٌّ ومن معه وقتل طلحة، وولَّى الزبير ومن بقي معه إلى المدينة، وأرسل عليٌّ السيدة عائشة إلى المدينة مع أخيها محمد بن أبي بكر، وبذلك انتهت الفتنة في هذه الجهة، وجمع عليٌّ جيوشه لمحاربة معاوية بن أبي سفيان والي بلاد الشام؛ لامتناعه عن مبايعته ومناداته بأخذ ثأر عثمان، فحصلت بينهما وقعة صفين الشهيرة في صفر سنة ٣٧، وبعدها اتفق عليٌّ مع معاوية على أن يعيِّن كل منهما حكمًا من طرفه ليفصلا الخلاف، وتهادنا على ذلك، وحررا به عهدًا في ليلة الأربعاء ١٣ صفر سنة ٣٧ بين أبي موسى الأشعري بالنيابة عن علي — كرم الله وجهه — وعمرو بن العاص بن وائل بالنيابة عن معاوية، وأجَّلا القضاء إلى شهر رمضان من هذه السنة بمحَلٍّ يقال له دومة الجندل، وإن لم يجتمعا فيه اجتمعا في السنة التالية بأذرج، فاجتمع أبو موسى وعمرو بن العاص في الموعد ومع كل منهما أربعة أنفس من أصحابه، واتفقا على أن يعزل كل منهم موكله وينتخب المسلمون من يرونه كفؤًا لتولي شئونهم، وعلى هذا الاتفاق قام أبو موسى في الجمع وقال: «قد خلعت عليًّا ومعاوية فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلًا.» ثم قام عمرو وقال: «إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه، وإني أخلع صاحبه كما خلعه وأُثْبِت صاحبي؛ فإنه وليُّ عثمان والطالب بدمه وأحق الناس بمقامه.» فقال أبو موسى: ما لك — لا وفقك الله — غدرت وفجرت؟! وانفض الجمع بعد ذلك، وعاد عمرو ومن معه إلى معاوية، وسلموا عليه بالخلافة، ومن ذلك الحين أخذ أمر عليٍّ في الضعف وأمر معاوية في القوة، فأرسل معاوية عمرو بن العاص في سنة ٣٨ إلى مصر لمحاربة محمد بن أبي بكر المعيَّن عليها من قبل سيدنا علي — كرم الله وجهه — واستخلاصها منه، فأتى إليها وقتل محمد بن سيدنا أبي بكر — ضي الله عنه — وهو أخو السيدة عائشة زوجة النبي ﷺ وصارت مصر تابعة لمعاوية، ثم بَثَّ سراياه في البلاد التابعة لعليٍّ لإكراه سكانها على مبايعة معاوية.
واستمر الحال على ذلك إلى سنة ٤٠، وفيها اتفق ثلاثة من الخوارج وهم: عبد الرحمن بن ملجم المرادي، وعمرو بن بكر التميمي، والبرك بن عبد الله التميمي على قتل معاوية وعلي وعمرو بن العاص، وتواعدوا على ليلة سبعة عشر رمضان من هذه السنة، ثم سافر كل منهم إلى وجهته؛ فسافر ابن ملجم إلى الكوفة لقتل علي ومعه وردان بن تيم الرباب وشبيب بن أشجع، وسافر البرك إلى دمشق لقتل معاوية، وعمرو بن بكر إلى مصر لقتل عمرو بن العاص. وفي اليوم المتفق عليه وثب ابن ملجم ومن معه على سيدنا علي عند خروجه لصلاة الغداة في صبيحة ليلة الجمعة ١٧ رمضان سنة ٤٠، وضربه شبيب ضربة لم تصبه، ثم ضربه ابن ملجم فأصاب جبهته ومات بعد قليل، وضبط ابن ملجم فقط وفرَّ الآخران.
هذا؛ أما عمرو بن بكر فترصَّد لعمرو بن العاص فلم يخرج للصلاة، وأمر خارجة بن أبي حبيبة صاحب شرطته ليصلي بالناس؛ فوثب عليه عمرو بن بكر وقتله ظانًّا أنه يقتل عمرو بن العاص. وكذلك لم يقتل البرك بن عبد الله معاوية، بل أصابه بجرح غير خطر، وقُتل هؤلاء الخوارج الثلاثة، واختُلف في المحل الذي دفن فيه عليٌّ — كرم الله وجهه — لكن المجمع عليه والذي ذكره ابن الأثير وأبو الفداء أنه دفن في النجف ببلاد العراق، وهذا هو الأصح.
دولة بني أمية
دولة بني أمية
وبعد قتل الإمام علي — رضي الله عنه — رابع الخلفاء الراشدين بويع لابنه الحسن في العراق والحجاز وباقي البلاد الإسلامية ما عدا الشام ومصر، ثم جمع معاوية جيشًا لمحاربته، واستعد الحسن كذلك للقتال، لكن ثارت الفتنة بين عساكره وتسحب كثير ممن كان حوله. فلما رأى ذلك كتب إلى معاوية أنه مستعدٌّ للتنازل إليه عن حقه في الخلافة بشرط أن يعطيه ما في بيت مال الكوفة وخراج دارا يجرد من فارس، وأن لا يسب عليًّا، فأجابه معاوية على الشرطين الأوَّلين ولم يقبل الثالث؛ فطلب منه الحسن أن لا يسبه وهو يسمع، فأجابه ولم يفِ بذلك فيما بعد.
وبعد ذلك تنازل الحسن لمعاوية، وكتب إلى قيس بن سعد قائد جيوشه بأن يبايع معاوية، ودخل معاوية الكوفة، وصارت له الخلافة على جميع الأقاليم بدون مشارك أو منازع، واستمرت الخلافة في عائلته لسنة ١٣٢ ثم انتقلت لبني العباس. أما سيدنا الحسن فعاد إلى المدينة وأقام بها إلى أن توفي في ربيع الأوَّل سنة ٤٩، وكانت ولادته في السنة الثالثة من الهجرة، وقيل إنه مات مسمومًا. وأهمُّ ما حصل في أيام معاوية حصار مدينة القسطنطينية في سنة ٤٨، وتأسيس عقبة بن نافع مدينة القيروان بتونس الخضراء سنة ٥٠، ودخول سعد بن عثمان بن عفان مدينة سمرقند في سنة ٥٦. وفي هذه السنة بايع معاوية الناس لابنه يزيد بولاية العهد؛ فامتنع الحسين بن عليِّ بن أبي طالب وتبعه بعضهم.
ولما بويع ليزيد بعد موت أبيه أصرَّ الحسين على امتناعه وسار من المدينة إلى الكوفة لمحاربة يزيد، فالتقى بعسكره في الموضع المعروف بكربلاء، وقُتل الحسين في يوم ١٠ محرم سنة ٦١، وبقي عبد الله بن الزبير بمكة ممتنعًا عن مبايعة يزيد، ثم اتفق أهل المدينة في سنة ٦٤ على خلع يزيد فخلعوه وطردوا نائبه، فأرسل يزيد مسلم بن عقبة فحاربهم ودخل المدينة عنوةً وأباحها لعسكره ثلاثة أيام يفعلون بأهلها ما يشاءون من قتل ونهب وهتك، وبعد أن أكره سكان المدينة على البيعة ليزيد قصد مكة لمحاربة عبد الله بين الزبير فمات قبل أن يصلها وأقام على الجيش مكانه الحصين بن نمير السكوني، فحاصرها ورمى البيت الحرام بالمنجنيق وأحرقه بالنار، ثم أتاه خبر موت يزيد فعاد إلى الشام. وقيل إنه عرض على الزبير أن يبايعه فامتنع الزبير، وتوفي يزيد ليلة ١٤ ربيع الأوَّل سنة ٦٤ وعمره ثمان وثلاثون سنة، وكانت أمه ميسون بنت مجدل الكلبية، وبويع بعده لابنه معاوية بن يزيد بن معاوية، ولم تستمرَّ خلافته إلا بضعة أشهر ثم خلع نفسه واعتكف في منزله حتى مات وسنه إحدى وعشرون سنة، وجمع الناس قبل الانعكاف وأوصاهم بأن يختاروا للخلافة من أحبوا.
هذا؛ ولما مات يزيد بن معاوية حصلت البيعة بمكة لعبد الله بن الزبير، وبايعه كذلك أهل العراق واليمن، وذلك في مدَّة خلافة معاوية بن يزيد. ولما مات معاوية الثاني بايع أهل الشام مروان بن الحكم، ثم بايعه أهل مصر، وتزوَّج مروان بأم خالد زوجة يزيد بن معاوية حتى يأمن جانب خالد؛ فأتاه الشرُّ من حيث كان يريد النفع وقتلته أم خالد يوم الثالث من رمضان سنة ٦٥ وعمره ثلاث وستون سنة.
وبويع للخلافة بعده لابنه عبد الملك، وفي خلافته خرج المختار بن عبيد الثقفي لأخذ ثأر الحسين، وقتل شمر بن ذي الجوشن وعمر بن سعد بن أبي وقاص الذي كان قائد الجيش الذي حارب الحسين، وقتل ابن عمر المذكور واسمه حفص، ثم حارب عبد الله بن زياد الذي كان واليًا على البصرة من قِبل معاوية بن أبي سفيان وأمر بقتل الحسين، فانتقم الله للحسين. وفي سنة ٦٧ أرسل عبد الله بن الزبير أخاه مصعبًا لمحاربة المختار، فحاربه وقتله في رمضان، وفي سنة ٧١ جهز عبد الملك بن مروان جيشًا وقصد العراق لمحاربة مصعب بن الزبير؛ فانتصر عليه وقتله في جمادى الآخرة فبايعه أهل العراقين. ثم أرسل الحجاج بن يوسف الثقفي إلى مكة في جيش جرار لمحاربة عبد الله بن الزبير، فحاصره الحجاج بمكة، ورمى البيت الحرام بالمنجنيق، وأبى ابن الزبير أن يسلم نفسه، واستمر في الدفاع عن مكة حتى قُتل في جمادى الآخرة سنة ٧٣، فبايع أهل الحجاز واليمن عبد الملك بن مروان، وبذلك استتبَّ الأمر لبني أمية، وتوحدت الخلافة الإسلامية بعد الانقسام، ثم توفي عبد الملك في منتصف شوَّال سنة ٨٦ وعمره ستون سنة.
وبويع بعده لابنه الوليد، وهو سادس خلفاء بني أمية، ومن أهمِّ أعماله أنه عيَّن ابن عمه عمر بن عبد العزيز على المدينة، وأمره بهدم مسجد رسول الله وبيوت أزواجه وإدخال البيوت في المسجد لتوسيعه، وشرع في بناء الجامع الأموي بدمشق، وفي أيامه فتحت بلاد الأندلس غربًا وما وراء نهر جيحون (سرداريا) شرقًا، ودخل محمد بن قاسم الثقفي بلاد الهند، وتوفي الوليد بن عبد الملك في جمادى الآخرة سنة ٩٦ وعمره اثنتان وأربعون سنة ونصف.
وبويع بعده لأخيه سليمان سابع الخلفاء الأمويين؛ فاتخذ عمر بن عبد العزيز وزيرًا له، وفي أيامه أرسل أخاه مسلمة لمحاصرة القسطنطينية؛ فأقام الجيوش حولها حتى أتاه خبر موت سليمان، وفي سنة ٩٨ فتح يزيد بن المهلب — والي خراسان — بلاد جرجان وطبرستان.
وفي صفر سنة ٩٩ توفي سليمان بن عبد الملك، وبويع بعده لابن عمه عمر بن عبد العزيز ثامن خلفاء بني أمية، ومن أعماله التي يمدح عليها إبطاله لسبِّ سيدنا عليِّ بن أبي طالب — كرم الله وجهه — على المنابر يوم الجمعة، وإبدال السب بقراءة قوله تعالى: إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. وتوفي يوم الجمعة ٢٤ رجب سنة ١٠١، وكان حسن السيرة متبعًا في أعماله وأوامره خطة الخلفاء الراشدين.
وبويع بعده يزيد بن عبد الملك بن مروان بعهد من سليمان بن عبد الملك إليه بعد عمر بن عبد العزيز، وهو تاسع الأمويين. وأهمُّ ما حصل في أيامه إقماعه الثورة التي أهاجها يزيد بن المهلب ليستقلَّ بملك خراسان، أرسل إليه أخاه مسلمة فحاربه وقتله هو وجميع من كان معه من آل المهلب.
ثم توفي يزيد بن عبد الملك في ٢٥ شعبان سنة ١٠٥، وحصلت البيعة بعده لأخيه هشام بن عبد الملك عاشر خلفاء بني أمية. وفي أيامه غزت قوَّاد جيوشه بلاد فرغانة وبلاد الترك النازلين فيما وراء خوارزم، وفي سنة ١٢٢ بايع بعض أهل الكوفة زيد بن عليِّ بن الحسن بن علي بن أبي طالب بالخلافة، فحاربه يوسف بن عمر الثقفي — والي الكوفة من قبل هشام — وقتله؛ فانتهت الفتنة.
ثم توفي هشام في ٩ ربيع الأول سنة ١٢٥ وعمره خمس وخمسون سنة، وهو الذي بنى مدينة الرصافة، وبويع بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، وهو حادي عشرهم، ولم يلتفت لأمور المسلمين وشئونهم، بل انكبَّ على اللهو والشرب وسماع الغناء ومنادمة العشاق؛ ولذلك هاج عليه بنو أعمامه وقرابته فقتلوه في ٢٧ جمادى الآخرة سنة ١٢٦، وكان عمره اثنتين وأربعين سنة، وبلغت مدَّة خلافته سنة واحدة وثلاثة أشهر.
ثم بايعوا يزيد بن الوليد بن عبد الملك، ولم تطل مدَّته، بل توفي في ٢٠ ذي الحجة من هذه السنة، وكانت مدته كلها حروب داخلية وفتن مستمرة، وبعده بويع أخوه إبراهيم قاسم فلم يستتبَّ له الأمر، بل ظهر مروان بن محمد بن مروان بن الحكم ودعا الناس لمبايعته؛ فبايعه أهل قنسرين وحمص وغيرهما، ثم سار في جيش عظيم إلى دمشق لمحاربة إبراهيم بن الوليد فهزمه، ثم اختفى إبراهيم، ودخل مروان إلى دمشق وبايعه الناس، وصار هو الخليفة دون إبراهيم، وتم له ذلك في النصف الأوَّل من سنة ١٢٧، ولم تُعلم مدة خلافة إبراهيم بن الوليد؛ فقيل أربعة أشهر، وقيل أقل من ذلك، ثم استأمن إبراهيم فظهر وبايعه.