Gardi
المديرة .
الصبر
ما إن يطرق سمعك كلمة المصيبة، إلا ويأتي في الكفة الأخرى كلمة الصبر، ولولا ذلك لتفاقمت المشاكل ودب اليأس والقنوط، ولكن الله عزوجل رحمة منه بعباده سخر لهم أمر معالجة المصائب بالصبر.
والصبر مقام من مقامات الدين ومنزل من منازل السالكين والصبر كنز من كنوز الجنة، وقد أعد الله عز وجل للصابرين أجرا عظيما }إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{ [الزمر: 10].
قال الأوزاعي: ليس يوزن لهم ولا يكال لهم، وإنما يغرف لهم غرفا.
وقال r: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له" [رواه مسلم] والصبر هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب.
ولا يظن أن المصائب في الأمور العظيمة كالموت والطلاق مثلا، بل كل ما أهمك فهو مصيبة؛ انقطع شسع نعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاسترجع وقال كل ما ساءك مصيبة.
وإذا لم يصبر المسلم ويحتسب مضت الأيام بالمصيبة وفاته الأجر والمثوبة.
وأعظم من الصبر منزلة الرضا بما قدر الله وقضى، فارض بقضاء الله وقدره: }قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا{
[التوبة: 51].
قال ابن رجب رحمه الله: والفرق بين الرضا والصبر.
أن الصبر: كفر النفس وحبسها عن السخط مع وجود الألم وتمني زوال ذلك، وكف الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع.
والرضا: انشراح الصدر وسعته بالقضاء؛ وترك تمني زوال الألم وإن وجد الإحساس بالألم لكن الرضا يخففه ما يباشر القلب من روح اليقين والمعرفة، وإذا قوي الرضا فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية.
قال ابن الجوزي رحمه الله: ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تعتور فيها الأمراض والأكدار، ولم يضق العيش فيها على الأنبياء والأخيار.
فآدم يعاني من المحن إلى أن خرج من الدنيا.
ونوح بكى ثلاثمائة عام.
وإبراهيم: يكابد النار وذبح الولد.
ويعقوب بكى حتى ذهب بصره.
وموسى يقاسي من فرعون.. ويلقى من قومه المحن.
وعيسى ابن مريم لا مأوى له، إلا البراري في العيش الضنك.
ومحمد صلى الله عليه وعليهم يصابر الفقر، وقتل عمه حمزة وهو من أحب أقربائه إليه ونفور قومه عنه.
وغير هؤلاء من الأنبياء والأولياء مما يطول ذكره، ولو خلقت الدنيا للذة لم يكن حظ للمؤمن منها.
وصدق الشاعر:
طبعت على كدر، وأنت تريدها
صفوا من الأقذاء والأكدار
والصبر هنا لا يتوقف على تحمل المصيبة وتجرع آلامها وغصصها، بل الصبر على معالجتها وإعادة ترتيب الأمور، فلربما كان صبر المعالجة: دعوة إلى الله عز وجل ولربما كان صبر المعالجة: تربية وحسن عشرة، ولربما كان: عودة زوج واستقامته وهكذا.
40 قاعدة في حل المشاكل المؤلف عبد الملك بن محمد القاسم
ما إن يطرق سمعك كلمة المصيبة، إلا ويأتي في الكفة الأخرى كلمة الصبر، ولولا ذلك لتفاقمت المشاكل ودب اليأس والقنوط، ولكن الله عزوجل رحمة منه بعباده سخر لهم أمر معالجة المصائب بالصبر.
والصبر مقام من مقامات الدين ومنزل من منازل السالكين والصبر كنز من كنوز الجنة، وقد أعد الله عز وجل للصابرين أجرا عظيما }إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ{ [الزمر: 10].
قال الأوزاعي: ليس يوزن لهم ولا يكال لهم، وإنما يغرف لهم غرفا.
وقال r: "عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له" [رواه مسلم] والصبر هو الوقوف مع البلاء بحسن الأدب.
ولا يظن أن المصائب في الأمور العظيمة كالموت والطلاق مثلا، بل كل ما أهمك فهو مصيبة؛ انقطع شسع نعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاسترجع وقال كل ما ساءك مصيبة.
وإذا لم يصبر المسلم ويحتسب مضت الأيام بالمصيبة وفاته الأجر والمثوبة.
وأعظم من الصبر منزلة الرضا بما قدر الله وقضى، فارض بقضاء الله وقدره: }قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا{
[التوبة: 51].
قال ابن رجب رحمه الله: والفرق بين الرضا والصبر.
أن الصبر: كفر النفس وحبسها عن السخط مع وجود الألم وتمني زوال ذلك، وكف الجوارح عن العمل بمقتضى الجزع.
والرضا: انشراح الصدر وسعته بالقضاء؛ وترك تمني زوال الألم وإن وجد الإحساس بالألم لكن الرضا يخففه ما يباشر القلب من روح اليقين والمعرفة، وإذا قوي الرضا فقد يزيل الإحساس بالألم بالكلية.
قال ابن الجوزي رحمه الله: ولولا أن الدنيا دار ابتلاء لم تعتور فيها الأمراض والأكدار، ولم يضق العيش فيها على الأنبياء والأخيار.
فآدم يعاني من المحن إلى أن خرج من الدنيا.
ونوح بكى ثلاثمائة عام.
وإبراهيم: يكابد النار وذبح الولد.
ويعقوب بكى حتى ذهب بصره.
وموسى يقاسي من فرعون.. ويلقى من قومه المحن.
وعيسى ابن مريم لا مأوى له، إلا البراري في العيش الضنك.
ومحمد صلى الله عليه وعليهم يصابر الفقر، وقتل عمه حمزة وهو من أحب أقربائه إليه ونفور قومه عنه.
وغير هؤلاء من الأنبياء والأولياء مما يطول ذكره، ولو خلقت الدنيا للذة لم يكن حظ للمؤمن منها.
وصدق الشاعر:
طبعت على كدر، وأنت تريدها
صفوا من الأقذاء والأكدار
والصبر هنا لا يتوقف على تحمل المصيبة وتجرع آلامها وغصصها، بل الصبر على معالجتها وإعادة ترتيب الأمور، فلربما كان صبر المعالجة: دعوة إلى الله عز وجل ولربما كان صبر المعالجة: تربية وحسن عشرة، ولربما كان: عودة زوج واستقامته وهكذا.
40 قاعدة في حل المشاكل المؤلف عبد الملك بن محمد القاسم