كن عالي الهمة
علو الهمة أدب نفسي نفيس، من امتلكه فقد امتلك مفاتيح النجاح كلها، إذ هو خلق مركب من كل المعاني التي تفضي بالإنسان إلى الرقي و السمو والرفعة والمكانة.
قال رسول الله e: «إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها».
والطالب في دراسته أشد حاجة إلى همة تقوي عزيمته، وتشحن
طاقته، وتجمع شتات فكره، إذ بالهمة العالية يمكنه استسهال الصعب، والتجلد والصبر لأجل خوض الصعاب وتخطيها في كل مراحل الدراسة.
وحينما يضع الطالب نصب عينيه هدفًا عاليًا ساميًا محددًا ويضع بين عينيه تصورًا دقيقًا لكل المراحل التي عليه تجاوزها لتحقيق ذلك الهدف وأيضًا ما يحتاجه من جهد وصبر ومكابدة في طول الطريق.. حينئذ يوصف هذا الطالب بعلو الهمة، وحينئذ فقط يصدق عليه قول الشاعر:
قلب يطل على أفكاره ويد
تمضي الأمور ونفس لهوها التعبُ
أخي الطالب: وتذكر أيضًا أن علو همتك وبعد نظرك في الدراسة مفخرة للدين والأمة كلها.. وقد قال رسول الله e: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعله».
ولو تأملنا في حركة التاريخ، ونظرنا في التطور المذهل الذي حققه البشر والذي يكاد يكون من نسيج الخيال لوجدنا أن هذا التطور قام على أيدي أشخاص اتسموا في حياتهم بالإصرار على النجاح، وبعلو همتهم وغاياتهم.
ويقرر علماء النفس والاجتماع والدراسات الإنسانية أن الطاقة
التي يمتلكها الإنسان، أي إنسان هي طاقة مذهلة لو اغتنمها الإنسان بإصرار أكيد محكم لحقق النتائج في حياته، وإن كان التفاوت حاصلا في الطاقات إلا أن كل إنسان يمتلك طاقات عظيمة وهبها الله له.
وفي تاريخنا الإسلامي عظماء كثر ضربوا أروع الأمثلة في طلب العلم وتعليمه.
قال الشافعي رحمه الله: «حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين، ولم يكن عند أمي ما تعطيني لأشتري به قراطيس فكنت إذا رأيت عظمًا يلوح آخذه فاكتب فيه».
وقال ابن أبي حاتم: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة نهارنا ندور على الشيوخ وبالليل ننسخ ونقابل، فأتينا يومًا أنا ورفيق لي شيخًا، فقالوا: هو عليل، فرأيت سمكة أعجبتنا فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ، فمضينا فلم تزل السمكة ثلاثة أيام وكادت أن تنتن، فأكلناها نيئة، لم نتفرغ نشويها ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.
فبادر إذا ما دام في العمر فسحة
وعدلك مقبول وصرفك قيّم
وجد وسارع واغتنم زمن الصبا
ففي زمن الإمكان تسعى وتغنم
وسر مسرعًا فالموت خلفك مسرع
وهيهات ما منه مفر ومهزم
وتأمل أخي الطالب في قوله تعالى: }وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا
مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{.
قال القرطبي رحمه الله: }وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{ أي قدوة يقتدى بنا في الخير.
وفي هذا دليل على ترغيب الإسلام في علو الهمة وبعد النظر في تناول الأمور النافعة، ومن أنفس ما ينفع الإنسان في حياته بل وبعد مماته: طلب العلم النافع ونشره!
وفي هذا كله تحريض للطالب على إعلاء همته في دراسته، وعدم ملاحظة المتخلفين ومحاكاتهم في تأخرهم عن ركب طلاب السمو!
قال ابن الجوزي رحمه الله: في وصيته لابنه: «وقد عرفت بالدليل أن الهمة مولودة مع الآدمي، وإنما تقصر بعض الهمم في بعض الأوقات، فإذا حثت سارت، و متى رأيت في نفسك عجزًا فسل المنعم، أو كسلاً فالجأ إلى الموفق»..
فلن تنال خيرًا إلا بطاعته، ولا يفوتك خير إلا بمعصية فمن الذي أقبل عليه فلم يرد كل مراد.؟ ومن الذي أعرض عنه فمضى بفائدة أو حظي بغرض من أغراضه؟!
من كتاب
دليل الطالب إلى النجاح المؤلف أبو الحسن بن محمد الفقيه
علو الهمة أدب نفسي نفيس، من امتلكه فقد امتلك مفاتيح النجاح كلها، إذ هو خلق مركب من كل المعاني التي تفضي بالإنسان إلى الرقي و السمو والرفعة والمكانة.
قال رسول الله e: «إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفاسفها».
والطالب في دراسته أشد حاجة إلى همة تقوي عزيمته، وتشحن
طاقته، وتجمع شتات فكره، إذ بالهمة العالية يمكنه استسهال الصعب، والتجلد والصبر لأجل خوض الصعاب وتخطيها في كل مراحل الدراسة.
وحينما يضع الطالب نصب عينيه هدفًا عاليًا ساميًا محددًا ويضع بين عينيه تصورًا دقيقًا لكل المراحل التي عليه تجاوزها لتحقيق ذلك الهدف وأيضًا ما يحتاجه من جهد وصبر ومكابدة في طول الطريق.. حينئذ يوصف هذا الطالب بعلو الهمة، وحينئذ فقط يصدق عليه قول الشاعر:
قلب يطل على أفكاره ويد
تمضي الأمور ونفس لهوها التعبُ
أخي الطالب: وتذكر أيضًا أن علو همتك وبعد نظرك في الدراسة مفخرة للدين والأمة كلها.. وقد قال رسول الله e: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا وكذا ولكن قل: قدر الله وما شاء فعله».
ولو تأملنا في حركة التاريخ، ونظرنا في التطور المذهل الذي حققه البشر والذي يكاد يكون من نسيج الخيال لوجدنا أن هذا التطور قام على أيدي أشخاص اتسموا في حياتهم بالإصرار على النجاح، وبعلو همتهم وغاياتهم.
ويقرر علماء النفس والاجتماع والدراسات الإنسانية أن الطاقة
التي يمتلكها الإنسان، أي إنسان هي طاقة مذهلة لو اغتنمها الإنسان بإصرار أكيد محكم لحقق النتائج في حياته، وإن كان التفاوت حاصلا في الطاقات إلا أن كل إنسان يمتلك طاقات عظيمة وهبها الله له.
وفي تاريخنا الإسلامي عظماء كثر ضربوا أروع الأمثلة في طلب العلم وتعليمه.
قال الشافعي رحمه الله: «حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين، ولم يكن عند أمي ما تعطيني لأشتري به قراطيس فكنت إذا رأيت عظمًا يلوح آخذه فاكتب فيه».
وقال ابن أبي حاتم: كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مرقة نهارنا ندور على الشيوخ وبالليل ننسخ ونقابل، فأتينا يومًا أنا ورفيق لي شيخًا، فقالوا: هو عليل، فرأيت سمكة أعجبتنا فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت حضر وقت مجلس بعض الشيوخ، فمضينا فلم تزل السمكة ثلاثة أيام وكادت أن تنتن، فأكلناها نيئة، لم نتفرغ نشويها ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.
فبادر إذا ما دام في العمر فسحة
وعدلك مقبول وصرفك قيّم
وجد وسارع واغتنم زمن الصبا
ففي زمن الإمكان تسعى وتغنم
وسر مسرعًا فالموت خلفك مسرع
وهيهات ما منه مفر ومهزم
وتأمل أخي الطالب في قوله تعالى: }وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا
مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{.
قال القرطبي رحمه الله: }وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا{ أي قدوة يقتدى بنا في الخير.
وفي هذا دليل على ترغيب الإسلام في علو الهمة وبعد النظر في تناول الأمور النافعة، ومن أنفس ما ينفع الإنسان في حياته بل وبعد مماته: طلب العلم النافع ونشره!
وفي هذا كله تحريض للطالب على إعلاء همته في دراسته، وعدم ملاحظة المتخلفين ومحاكاتهم في تأخرهم عن ركب طلاب السمو!
قال ابن الجوزي رحمه الله: في وصيته لابنه: «وقد عرفت بالدليل أن الهمة مولودة مع الآدمي، وإنما تقصر بعض الهمم في بعض الأوقات، فإذا حثت سارت، و متى رأيت في نفسك عجزًا فسل المنعم، أو كسلاً فالجأ إلى الموفق»..
فلن تنال خيرًا إلا بطاعته، ولا يفوتك خير إلا بمعصية فمن الذي أقبل عليه فلم يرد كل مراد.؟ ومن الذي أعرض عنه فمضى بفائدة أو حظي بغرض من أغراضه؟!
من كتاب
دليل الطالب إلى النجاح المؤلف أبو الحسن بن محمد الفقيه