قارورة وفه
جنني هواك من حيث لا ادري
كان الصحابة يهتمون بتعليم صغارهم الصوم ليعتادوا عليه وكان الصغير إذا بكى من الجوع يلهونهم بلعب يصنعوها من الصوف لهم ، واليوم أصبح كثير من المسلمين لا يهتمون بهذا حتى نشأ جيل لا يهتم بصيام رمضان ويقول انه لا يستطيع الصيام لانه لم يعتاد عليه وهذا أمر خطير المسؤول عنه أولا المربين ومعنا اليوم استشارة تخص هذا الموضوع فتابعوها للفائدة ..
أريد استشارتكم في ولدي الصغير؛ لأنه مع دخول رمضان يريد أن يصوم، ويصمم على ذلك رغم أن عمره لم يتجاوز 7 سنين،
ورغم ضعفه الصحي الملحوظ، وأنا أخاف عليه فهل على من إثم إذا منعته عن الصوم؟ وما هي الطريقة المثلى تربوياً في تعاملي
مع هذه القضية؟ أجاب عنها:د. خالد رُوشه
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعد:
فإن الله – سبحانه - قد وهبنا من نعمته أبناءً هم زينة من زينة الدنيا ونعمة وفضلا منه - سبحانه وتعالى-، ومن شكر نعمته - عز وجل - أن نحسن تنشئتهم كما يحب ربنا ويرضى فينبتوا رجالاً يحملون راية هذا الدين القويم ويحموا حماه ويزودوا عن حياضه، كما يرفعوا شأن أمتهم ويرتقوا بها بين أمم العالمين.
وعبادة الصوم عبادة روحية عظيمة ولها أثرها التربوي والإيماني الرائع الذي يطهر النفوس ويزكيها ويهيِّئها للعبودية التامة، ومن ثم لزم تربية الأولاد عليها واستغلال فرصتها كمحضن تربوي مؤثر، وشهر رمضان بما له من فضيلة وبما فيه من شعائر هو بيئة صحية مناسبة لبث تلك العبادة الإيمانية الرقراقة في قلوب ونفوس الأبناء.
وقد علم الشرع الحنيف أهمية تربية الأولاد على العبادات المختلفة من الصغر فعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر" رواه أحمد كما ثبت عن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم كانوا يعلمون أبناءهم صوم يوم عاشوراء، قالوا: فكان إذا أحس بالجوع وقال أريد الطعام أعطيناه اللعبة من العهن يتسلى بها حتى تغرب الشمس.
ونوضح بعضاً من الأمور الهامة المتعلقة بالصوم خاصة فيما يتعلق بالأولاد كما يلي:
1- معلوم أن الصوم أشق من الصلاة على الصغير لذلك فاستحباب التدريب عليه إنما يكون بعد سن السابعة وليس قبلها كما بين كثير من أهل العلم الأثبات.
2 - يمكن للأبوين أن يدربا أبناءهما على الصوم قبل ذلك السن – سن السابعة – ولكن لا على صوم اليوم كاملاً ولكن على بعضه بقدر طاقة الولد وما يتحمله، وليكن ذلك بالتدريج سواء في سنوات عمره أو بالتدريج في صيام ذات الشهر فيمكن في البداية تدريبه على بعض الساعات ثم زيادتها يومياً بصورة تدريجية مقبولة متناسبة ومتوائمة مع حال الولد.
3 – يخطئ بعض الآباء بمنع أبنائهم عن الصوم مطلقاً برغم رغبتهم فيه وحبهم له وقدرتهم عليه، والوالد عندئذ يرتكب خطأ تربوياً ملحوظاً حيث يمنع ولده عن طاعة لها أثرها الإيجابي الكبير في توجيه سلوكه وتقويمه.
4 – إذا علم الوالدان من ابنهما الضعف الصحي وعدم القدرة على تحمل ذلك فليس أقل من تدريبه على الصوم بعض ساعات النهار بقدر تحمله.
5 – ينبغي استغلال جميع شعائر الصوم ومتعلقاتها في التأثير في الأبناء، ومن أهم ذلك عبادة السحور، فقد قال النبي _صلى الله عليه وسلم_: " تسحروا فإن في السحور بركة" متفق عليه من رواية أنس، وكذلك المسارعة إلى الإفطار فور الغروب، كذلك الدعاء عند الفطر وغيره مما يتعلق بالصوم من السنن الثابتة.
6 – أجر صوم الصغير يكون له فهو يزيد من حسناته، كما أن للوالدين أجر كبير في ذلك أيضاً، ففي الصحيح أن امرأة رفعت صبياً لها وقالت: يا رسول الله "ألهذا حج؟ فقال: نعم ولك أجر" فأجر الصبي من العمل الصالح لا يمنع أجر الوالدين، بل أجرهما محفوظ، والله ذو الفضل العظيم.
7 – إذا بلغ الصبي أجبره والداه على الصوم ولا تهاون في ذلك بحال، بل يجب عليه تعلم أحكام الصوم الأساسية وأن يلزم نفسه بها.
8 – ينبغي للوالدين أن يبثوا في أبنائهم حكمة الصوم العظيمة وكيف أن له أجرا ليس كأجر كل عبادة، وأنه لله وهو – سبحانه - الذي يحاسب عليه وكيف أن للصائم فرحتين: عند صومه وعند لقائه ربه، كما ينبغي أن يتعلم الأبناء أن الصوم هو صوم القلب عن المحارم كما أنه صوم الجوارح عن كل محظور يغضب الله - سبحانه وتعالى - قبل أن يكون صوم البطن عن الطعام والشراب كما روى أبو داوود من قوله _صلى الله عليه وسلم_:
" رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع والعطش ".