سارة البابلية
عٍـسلُِ آلُِشُبَـآبَ♔
ما عدت في المنفى أحس بغربة |
أو وحشة .. |
أو أشتكي هذا الرحيل القاسيا |
قد أصبح المنفى صديقي الغاليا . |
يأتي إلى المقهى معي . |
يقرا جرائده معي . |
ويعد وجبات الطعام معي . |
ويقيس بدلاتي .. وقمصاني .. |
ويلبس نصف أحذيتي معي .. |
ويحب آلاف لانساء معي .. |
ويمل من كل النساء معي .. |
ونام ملء جفونه |
و أنا أظل مع القصدية صاحيا . |
|
2 |
ما عدت في مدن الشمال ممزقاً |
متسكعاً .. |
متشرداً .. |
متخاوياً .. |
ما عدت في باريس أو في لندن |
أمشي على ثلج الشوارع حافيا .. |
ما عدت أركض في الحدائق عاريا .. |
قد أصبح المنفى قميصاُ ثانيا . |
|
3 |
للحب في المنفى مذاق آخر . |
لضياعنا الليلي في ( سوهو ) مذاق آخر . |
لشطائر ( البيتزا ) مذاق آخر . |
للبيرة الشقراء ، طعم أخر . |
للقهوة السوداء ، طعم آخر . |
للبرق والأمطار في عينيك .. عمق آخر . |
للقرط في أذنيك ، جرس آخر . |
حتى جنون الحب حين نعشيه |
في لندن . |
يبدو جنوناً راقيا .. |
|
4 |
هل ممكن ؟ |
أن يصبح المنفى كأية زوجة |
نختارها يوماً ، ولا نختارها . |
وتصير رائحة المراكب عادة |
وتصير أهداب النساء صواريا ؟ .. |
|
5 |
هل ممكن ؟ |
أن يصبح المنفى أبي .. ومعلمي .. |
وثقافتي .. وتراثيا ؟. |
يصغي إلى ( يا جارة الوادي معي ) . |
و لأم كلثوم معي . |
ولصوت فيروز معي . |
فأصير أزهاراً .. و أشجاراً .. |
ونهراً جاريا .. |
|
6 |
شكراً لمنفاي الجميل .. فإنه |
أهدى إلي حضارة .. وخرائطاً ... وموانئاً .. |
و قصائداً .. وقوافيا .. |
|
7 |
لم يكسر المنفى عظام أصابعي |
أبداً .. ولم يخفض جبيني العاليا . |
فلقد زرعت على الكواكب حنطة |
وغرست فوق الأطلسي دواليا .. |
|
8 |
إن المسافة لا تخيف مراكبي |
فإذا ابتعدت .. |
فكي أكون الرائيا .. |
ما دمت أكتب . ليس عندي مشكل |
فأنا أحدد وجهتي .. ومكانيا .. |
أنا قادر أن أصنع الوطن الذي أختاه .. |
بدقائق .. |
و أشق فيه جداولاً وسواقيا .. |
|
9 |
لم تخترعني دولة .. أو سلطة |
فأنا اخترعت قبيلتي .. وبلاديا ... |