يا شاعر الأزهار و الأغصان | هل أنت ملتهب الحشا أو هاني |
ماذا تغنّي ، من تناجي في الغنا | و لمن تبوح بكامن الوجدان ؟ |
هذا نشيدك يستفيض صبابة | حرّى كأشواق المحبّ العاني |
في صوتك الرقراق فنّ مترف | لكن وراء الصوت فنّ ثاني |
كم ترسل الألحان بيضا إنّما | خلف اللّحون البيض دمع قاني |
هل أنت تبكي أم تغرّد في الربا | أم في بكاك معازف و أغاني |
*** | |
يا طائر الإنشاد ما تشدو و من | أوحى إليك عرائس الألحان |
أبدا تغنّي للأزاهر و السنا | و تحاور الأنسام في الأفنان |
و تظلّ تبتكر الغنا و تزفّه | من جوّ بستان إلى بستان |
و تذوب في عرش الجمال قصائدا | خرسا و تستوحي الجمال معاني |
لا الحزن ينسيك النشيد و لا الهنا | بوركت يابن الفن من فنّان |
*** | |
يا بن الرياض – و أنت أبلغ منشد – | غرّد و خلّ الصمت للإنسان |
واهتف كما تهوى ففنّك كلّه | حبّ و إيمان و عن إيمان |
دنياك يا طير الربيع صحيفه | ذهبيّة الأشكال و الألوان |
و خميلة خرسا يترجم صمتها | عطر الزهور إلى النسيم الواني |
و الزهر حولك في الغصون كأنّه | شعر الحياة مبعثر الأوزان |
و العشب يرتجل الزهور حوالما | و يرفّ بالظل الوديع الحاني |
و طفولة الأغصان راقصة الصبا | فرحا ودنياها صبا و أماني |
و الحبّ يشدو في شفاه الزهر في | لغة الطيور و في فم الغدران |
و الورد يدمى بالغرام كأنّه | من حرقة الذكرى قلوب غواني |
*** | |
يا طائر الإلهام ما أسماك عن | لهو الورى و عن الحطام الفاني |
تحيا كما تهوى الحياة مغرّدا | مترفّعا عن شهوة الأبدان |
لم تستكن للصمت ؛ لم تذغن له | بل أنت فوق الصمت و الإذغان |
هذي الطبيعة أنت شاعر حسنها | تروي معانيها بسحر بيان |
ترجمت أسرار الطبيعة نغمة | أبديّة في صوتك الرنّان |
و عزفت فلسفة الربيع قصيدة | خضرا من الأزهار و الريحان |
*** | |
هذا ربيع الحبّ يملي شعره | فتنا معطّرة على الأكوان |
يصبو و دنيا الحبّ في أفيائه | تصبو على إشراقه الفتّان |
الفنّ فنّك يا ربيع الحبّ يا | سحر الوجود و فتنة الأزمان |