لمن الجموع تموج موج الأبحر | و تضجّ بين مهلّل و مكبّر |
لمن الهتاف يشقّ أجواز الفضا | و يهزّ أعطاف النهار المسفر |
و لمن تجاوبت المدافع و انبرت | صيحاتها كضجيج يوم المحشر |
لمن الطبول تثرثر الخفقات في | ترنيمها المتهدّج المتكسّر |
و لمن زغاريد الحسان كأنّها | خفقات أوتار ورعشة مزهر |
و لمن تفيض حماجر الأبواق من | أعماقها بترنّم المستبشر |
للقائد الأعلى الموشّح بالسنا | علم الفتوح و قاهر المستعمر |
لوليّ " عهد الملك " بنّاء الحمى | حلم البطولة و الطموح العبقري |
أهلا " وليّ العهد " فانزل مثلما | نزل الشعاع مباسم الزهر الطريّ |
أشرقت في مقل الجزيرة كالضّحا | كالصبح كالسحر النديّ المقمر |
و على جبينك غار أكرم فاتح | و على محيّاك ابتسام نظفّر |
لمّا طلعت أفاقت " الخضرا على | فجر بأنفاس الخلود معطّر |
و تعانقت فتن الجمال و تمتمت | بالعطر أعراس الربيع الأخضر |
و تسابق الإنشاد فيك و هازجت | نغم المعرّي أغنيات البحتري |
و هفت إليك من القوافي جوقة | سكرى متيّمة الغناء المسكر |
*** | |
يا من تشخّصت المنى في شخصه | و أهلّ فجر عدالة و تحرّر |
حقّق طموح الشعب و اجعل حلمه | فوق الحقيقة فوق كلّ تصوّر |
وافيت فانتفضت أماني أمّة | شمّا وشقّ البعث مرقد " حمير " |
و يكاد " دويزن " يبعثر قبره | و يطلّ حمير من وراء الأعصر |
بلقيس يا أمّ الحضارة أشرقي | من شرفة الأمس البعيد و كبّري |
و استعرضي زمر الأشعّة و اسبحي | فيها بناظرك الكحيل الأحور |
مولاتي الحسنا أطلّي وانظري | من زهوة الأجيال ما لم تنظري |
و تغطرسي ملء الفتون و عنوني | فمك الجميل ببسمة المستفسر |
ها نحن نبني فوق هامة مأرب | و طنا و نبني ألف صرح مرمري |
و نشيد في وطن العروبة وحدة | فوق الثريا خلف أفق " المشتري " |
هي وحدة العرب الأباه تسنّمت | في ربوه التاريخ أرفع منبر |
و تعانقت صنعا و مصر و جلّق | فيها عناق الشوق و الحبّ البرّي |
و جرى على النيل المصفّق صنوة | بردى فصفّق كوثر في كوثر |
و ارتادت " الخضرا " الكنانة فانتشت | نسمات مأرب في أصيل الأقصر |
لولاك يا بطل الخلافة ما احتوى | صنعا و جلّق حضن أم الأزهر |
صافحت مصر فزدت في بنيانها | " هرما " إلى الهرم الأشم الأكبر |
أرض الجنوب – و أنت نخزة ثأرها – | ظمأ تحنّ إلى الصراع الأحمر |
أرضي و دار أبي وجدّي لم تزل | في قبضة المتوحّش المتنمّر |
تطوي على حلم الجهاد عيونها | و تئنّ تحت الغاصب المستهتر |
لا حرمة الإنسان تزجره و لا | شرف و لا نهى المتحضّر |
متجبّر و أصمّ لم يسمع سوى | رهج الحديد المارد المتجبّر |
فازحف إليه يابن بجدتها على | لجج السلاح الفاتح المتهوّر |
يا خير من لبّى و من نودي و من | يغشى الوغى كالهول كاللّيث الجري |
هذي وعامتك الفتيّة قصّة | بفم الفتوح و في شفاه الأدهر |
*** | |
يا بدر هذا الشعب أنت زعيمة | و هواك سحر غرامة المتعسّر |
حملتك روح الشعب إيمانا فلم | تخفق بحبّ سواك بل لم تشعر |
فاسلم لتاريخ الزعامة آية | بيضا كبهجة عصرك المتبلور |